الدرس السابع : روائع الحديث

الدرس السابع : روائع الحديث

《الحديث السابع والثلاثون》

بداية نعقب على ما ذكر في الدرس السابق من (المواطن الستة التي لا يُعتبر الذم فيها غيبة)

← هذه المواطن وإن كانت لا تعتبر غيبة، إلا أنه يجب علينا :

◇ ألَّا نتجاوز .. فيكون التكلم إذا وُجِدت المناسبة ، و بالقدر الذي تقتضيه الحاجة فقط .
◇ و ألَّا يكون الكلام عن الناس سِمَة طالب العلم بلا حاجة ولا مصلحة للدين، وليكتف طالب العلم المبتدئ والعامي، بنقل كلام العلماء عند تحذيرهم من مبتدع أو ضال؛ ليسلم له دينه، ولا يزيد علی قولهم، وليحذر من مزالق الشيطان.
……

 

[ الحديث السابع والثلاثون : الترغيب في فعل الحسنات وبيان عظيم فضل الله  ]

عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِيما يَرْويهِ عَنْ ربِّهِ تَبَارَكَ وتَعالى قالَ : { إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً … إلى آخر الحديث } .

# راوي الحديث :
– عبد الله بن عباس بن عبد المطلب , ابن عم الرسول ﷺ .
– خالته ميمونة بنت الحارث – زوجة رسول الله ﷺ ..
– حبر اﻷمة , و ترجمان القرآن .. رضي الله عنه وعن أبيه .

__

# فوائد من الحديث :

* قوله “فيمَا يَرويهِ عَنْ رَبِّهِ” الحديث الذي يبدأ بهذه الجملة ونحوها يسمى “حديثا قدسيا”.

س | ما هو”الحديث القدسي” ؟
هو الحديث الذي رواه النبيُّ ﷺ عن ربِّهِ تعالى، ويُسمَّى أيضًا : الحديث الربّانيّ ، والحديث الإلهيّ .
– تنبيه :
الحديث القدسي الشائع أن لفظه من الرسول ﷺ ومعناه من الله ، لكن هذا مأخوذ من أهل الكلام، والصحيح أن الحديث القدسي لفظه ومعناه من الله عز وجل.
س | إذا كان الحديث القدسي مضافا إلى الله تعالى (لفظا ومعنی)، فما الفرق بينه وبين القرآن الكريم ؟
○ القرآن وقع به التحدي , وليس ذلك في الحديث القدسي.
○ القرآن مُتَعبّد بتلاوته، ويقرأ في الصلاة، ولا يمسه إلا المطهرون.
○ القرآنَ ثابت بالتواتر، بخلاف الحديث القدسي منه الصحيح والضعيف.. وغير ذلك من الفروق.

 

* ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ) :
○ كتب وقوع فعلها في اللوح المحفوظ .
○ وكتب ثوابها بما بينه في الشرع .
* ( فَمَن هم بِحَسَنةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ) :

○ من همَّ بالحسنة : أي حدَّث نفسه بها: كتبت حسنة كاملة .

○ أما من همَّ : أي عزم وسعى – لا مجرد حديث نفس – لكن حال حائل بينه وبين تحقيقها: فهنا ينال أجر عاملها كاملا .

قال تعالى : “وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ”

 

# فائدة:
قال الإمام أحمد – رحمه الله – موصيًا ابنه : ( يا بني انوِ الخير ، فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير ) .

فعلى الإنسان أن يكثر من نوايا الخير، ولا يخاف أن يضيع الله أجره عند عمل الطاعة، إنما يكون خوفه من أن يُخِلَّ بركن أو شيء فيها، – فالله ﷻ لا يضيع عمل عامل -.

 

 

* “وَ إِن هَمَّ بِسَيئةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنةً كَامِلَةً”

هنا في حال تركها لأجل الله، لا لأنه لم يقدر عليها، أو لاستحيائه من الناس، أو خوفه منهم.
# مثال على الهم بالحسنة والهم بالسيئة وجزاء ذلك ما جاء في حديث الرسول: (مَثَلَ الدُّنْيَا مَثَلَ أَرْبَعَةٍ) ثم ذكر – فيما معناه :

○ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا و مَالًا ← فهو يصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا .
○ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا دون مَال ← فَيَقُولُ : لو أن الله آتاني مالا لفعلت كما يفعل فلانٌ .

^ ( فَهُمَا فِي الأجْرِ سَوَاءٌ ) .

○ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا دون عِلْم ← فهو يتخبط فيه ولا يعلم لله فيه حقا .
○ وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ عِلْمًا ولا مَالًا ← فَيَقُولُ : لو أن الله آتاني مالا لفعلت كما فعل فلان .

^ ( فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ ) .

___

هذا وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وللحديث بقية نوردها في الدرس القادم إن شاء الله ..

 

يوم الأربعاء 9/2/1437 هـ

د.فتحية القحطاني