الدرس الرابع : روائع الحديث

الدرس الرابع : روائع الحديث

الحديث الخامس و الثلاثون :

(وكونوا عباد الله إخوانا)

# متن الحديث :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى هاهنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم .

 

# موضوع الحديث :

موضوعه عن الأخلاق , والأخلاق من الدين , فكلما زاد الإيمان حسنت الاخلاق .

وكلمة الأخلاق والدين من الألفاظ التي إذا افترقت اجتمعت وإذا اجتمعت افترقت , فالدين إذا أُفرِد شمل العبادات والمعاملات والأخلاق , وإذا اقترن الدين مع الأخلاق صار الدين للعبادات , والأخلاق للآداب .

 

# مسائل الحديث :

المسألة الأولى : ما معنى الحسد وما مراتبه وحكمه ؟

الحسد : الصحيح فيه : أنه كراهية النعمة عند الغير .

 

مراتبه :

–  كراهية النعمة عند الغير .

– تمني زوال النعمة عن الغير .

– السعي إلى إزالة النعمة عن المحسود (من أسوء الحسد) .

 

حكمه :

محرم .

 

سؤال/ إن تمنيت أن أفوق غيري – هل يُعَدُّ هذا من الحسد ؟

ليس من الحسد , في الحديث الذي سأل فيه النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة فقال : (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي ! ) فوقع الناس في شجر البوادي , قال عبد الله بن عمر : ووقع في نفسي أنها النخلة , فاستحييت , ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله ؟ فقال هي النخلة . فقال عبد الله : فذكرت ذلك لـ (عمر) فقال : – (وهذا هو الشاهد) – : لأن تكون قلت هي النخلة .. أحب إلي من حمر النعم .

 

# تنبيه :

لكن إن كره أن يفوقه غيره ، فهذا يُنافي كمال الإيمان ؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).

 

المسألة الثانية : ما معنى النجش ؟

النجش : أن يزيد في سعر السلعة لا يريد شرائها , يريد إما نفع البائع أو الاضرار بالمشتري .

مثال : سيارة للبيع , عرض رجل شرائها بأربعين ألف , فجاء آخر وقال أشتريها بخمس وأربعين .. (الرجل الآخر جاء لا يريد الشراء , وإنما فقط ليرفع السعر على الرجل الأول فينتفع البائع) , وهنا يضطر الأول أن يعرِض ثمنًا أعلى حتى يتمكن من الشراء .

 

المسألة الثالثة : ما معنى البغض , وماذا يلزم من النهي عنه ؟

ولا تباغضوا : البغض الكره , وهو عكس المحبة , أي ابتعدوا عن أسباب الوقوع في البغضاء .و من أسباب بُعدِ البغضاء : أن يحذر المسلم من أذية أخيه  – التهادي (تهادوا تحابوا)  – ترك التفكير في مساوئ أخيك , و ذكر محاسنه .

 

ماذا يلزم من النهي عن البغضاء ؟

إظهار المحبة و السعي إليها .

 

سؤال /  ألا يدخل هذا في النفاق ؟ إن أظهرت المحبة وفي قلبي خلاف ذلك ؟

حتى نضبط النفاق نقسمه إلى قسميه , أكبر وأصغر :

الأكبر : إظهار الإسلام وإبطان الكفر .

الأصغر : إظهار الخير وإبطان الشر (فهنا إظهار المحبة ليست من النفاق – إن لم أُضمِرَ شرًّا لأخي ) .

 

المسألة الرابعة : بيع الرجل على بيع أخيه , متى يحرم ؟ هل في زمن الخيار فقط أم حتى بعد الانتهاء من البيع ؟

مثاله / أن يعرض بائع سلعةً لمشتري (والمشتري لايزال يفكر في أخذها) فيأتي بائع آخر بنفس السلعة , ويقول للمشتري : أبيعك إياها بثمنٍ أقل , أو عندي مثلها بجودة أعلى .فهذا فيه إضرار بالبائع الأول , وصار البيع وسيلة لقطع أواصر الأخوة بين المسلمين , وهذا لا يجوز .لكن لو ترك المشتري سلعة الأول ولم يرغب فيها , هنا يجوز للثاني أن يعرض سلعته .

 

قال بعض العلماء : يحرم في زمن الخيار وحتى بعد إتمام الشراء , لأن المشتري قد يسعى إلى إحداث خلل في السلعة ؛ ليزعم أنها لا تصلح , ويردها على صاحبها , أوقد يحدث في نفسه الكره و الحقد على البائع .