اختتم نادي النورين فعاليات معرض قيم في القمم الذي سبقه توزيع استبانات على طالبات و موظفات كليات العلوم و الآداب و التربية بمجمع كليات الريان. ناقشت الاستبانة القيم التي لا زال المجتمع متمسكا بها و القيم التي افتقدها و تحتاج لإعادة إحياء في وقتنا الحاضر.
بناء على تلك النتائج انطلقت حملة قيم في القمم و التي ابتدئت بالمعرض القيمي الذي تم تدشينه يوم الثلاثاء 27-12-1435 هـ بحضور معالي مدير الجامعة د. عبدالله الربيش ووكيل الجامعة لشؤون الفروع د.عادل العفالق و د.باسل الشيخ وكيل الجامعة للشؤون الأكاديمية و سعادة عميد شؤون الطلاب د.علي الدوسري و رعاة النادي و المتبرعين.
احتوى المعرض على ستة غرف تبدأ الزائرات بغرفة الانتظار حيث يتم استقبال الزائرات و شرح فكرة الحملة لهن و تسجيل بياناتهن و من ثم تقوم المرشدة بالتجول بهن في أركان المعرض الذي يحتوي قسمه الأول على لوحات جدارية تتناول الأصول اللغوية و التاريخية و الثقافية لكلمة ” قيم ” فالقيمة هي الثمن الذي يُقَوم به المتاع، و تحمل معاني الثبات على الشيء و الصلاح و الاستقامة. أما الأصول التاريخية لكلمة قيم فتعود إلى ما يزيد عن الثلاثة آلاف عام حيث وجدت المفردة في مداولات الفلاسفة و الأسفار و في أفكار العلماء و مقولاتهم.
يبين المعرض أن القيم مرتبطة ارتباطا وثيقا بثقافات الشعوب، فلو رأينا مثلا معلم “تاج محل” مثلاً لورد لأذهاننا بسهولة أنه يرمز للثقافة الهندية الأمر ذاته ينطبق على اللغة و الدين والتاريخ فهم يمثلون معاً الأصول الثقافية لقيم كل شعب.
و لمعرفة حقيقة القيم ابتدأت الغرفة الثانية بمثال يبين أنه إذا ما عرض على أي منا مخدر فماذا سيكون موقفنا؟ وإذا ما طلب أحد زملاءنا
منا مرافقته لمحاضرة علمية فماذا سيكون موقفنا ؟ من منظور قيمي اعتمد سلوكنا ( رفض المخدرات وطلب العلم ) على مجموعة معايير حكمنا من خلالها على أن الأول يجب رفضه و أن طلب العلم يفضل قبوله. لأن الأول يعود على الصحة بالضرر بينما يعود الآخر بالمعلومات التي قد تنفع في أي مجال من مجالات الحياة.
فالحقيقة الأولى الهامة هي أن القيم عبارة عن معايير و مقاييس يحكم بها و مصادر هذه المعايير هي :
– المعايير الدينية: و هي أهم المعايير و أعلاها رتبة و هي الحاكمة لهذه المعايير و الضابطة لها لأنها أحكام ربانية يسعد بها الإنسان في الدنيا و الآخرة .
- المعايير العقلية: و هي مجموعة من القواعد البديهية و العلوم المستفادة من التجارب و لكن العقل لا يصلح أن يكون وحده مصدرًا للقيم و لا ضابطًا لها.
- المعايير الإجتماعية: وهي مجموعة الأعراف و العادات و التقاليد التي اتفق عليها أفراد المجتمع و لا يصلح العرف أيضًا أن يكون وحده مصدرًا للقيم.
فالقيم هي منظومة من المعايير التي يتعامل بها الفرد على مستواه الذاتي مع الأشياء فيحكم عليها بالصلاح أو الفساد و بالقبول أو الرد و يصدر عنه تبعا لذلك سلوك محدد.
و الحقيقة الثانية : هي أن القيم ترتبط بحاجات الإنسان النفسية و دوافعه و اهتماماته و معتقداته و اتجاهاته في الحياة التي تعتمد على المكونات المعرفية و المكونات الوجدانية بالإضافة للمكونات السلوكية، كالتحاق الطالبة بالجامعة فهي التحقت بالجامعة بهدف النجاح و إفادة المجتمع ودفعها ذلك للتسجيل. وبعد التحاقها اهتمت بموضوع معين من المواضيع الدراسية فاتجهت إليه بناءً على معرفتها ومشاعرها ثم ظهر ذلك على سلوكها من حيث الإهتمام بالمحاضرات و الوقت و الإجتهاد.
أما الحقيقة الثالثة: فهي أن ما نعطيه قيمة و نثمنه هو في الحقيقة ما نفضله، فبعض الأشخاص يفضل العمل الجماعي في حين يختار البعض العمل الفردي.
الغرفة الثالثة من المعرض تتحدث عن أهمية القيم في وقتنا المعاصر وعرض للزائرة مقطع مرئي يؤكد ازدياد حاجتنا للقيم في هذا الزمن لطغيان طوفان المادة على مناحي الحياة المختلفة فتحول الإنسان إلى كائن مادي افتقد الهدف و الرسالة القيمية فعاش فارغ النفس عديم الجدوى .
ثم تنتقل الزائرات بعد الفيديو إلى الغرفة الرابعة حيث تكون عبارة عن استراحة و فقرة حوارية تناقش القيم من حيث التخلق بها وهل هي فطرية أم مكتسبة.
فلو أحضرنا أحواض زراعية و وضعنا بها بذور مهيأة و صالحة للزراعة و وفرنا لها كل الشروط اللازمة للنمو السليم إلا أننا غيرنا أحد العوامل بأن قمنا بسقاية أحد الأحواض بماء صالح للاستزراع و الآخر بماء ملوث، لوجدنا أن الأولى ستنمو نموا صحيحا لأنها مهيأة بينما الأخرى لن تنمو لعدم توفر ماء مناسب لاحتياجاتها، كذلك نحن بني البشر خلقنا الله و لنا استعداد للخير لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(كل مولود يولد على الفطرة ) ولو تأملنا لوجدنا أن تلك الفطرة هي التي دعت آدم و حواء لستر عوراتهما بورق الشجر عندما انكشفت حين أكلا من الشجرة فالحياء و الستر جبلت عليهما النفس البشرية و مخالفهما لا يخالف القيم الإسلامية فحسب بل يخالف فطرة الإنسان.
وهذه الجبلة في الإنسان يتم توجيهها وتنشئتها إما سليمة موافقة لاستعدادها الفطري أو غير ذلك فكل انسان لديه استعداد قيمي، ومن ثم يأتي دور عوامل التربية والتنشئة التي تؤثر في توجيه الإنسان وسلوكه.
و بعد أن تم خلال الأقسام الأربعة الأولى الحديث عن القيم بشكل موسع ابتدأت الغرفة الخامسة بالتركيز على القيم الإسلامية على وجه التحديد، و كان العرض عبارة عن مقطع مرئي يوضح الأمور التي ترتكز عليها القيم الإسلامية يقول تعالى : (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(الأنعام161)
ورسول الله – صلى الله عليه وسلّم- نموذج الخلق الرفيع ومثال السمو الخلقي والوجداني والسلوكي يقول تعالى واصفا نبيه – صلى الله عليه و سلم – (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (القلم:4)
فالقيم الإسلامية هي منظومة المثل والفضائل والأخلاق والآداب التي شرع الله التزامها وتمثلها في حياتنا فكرا وسلوكا وعلى المستويين الفردي والجماعي.
و للقيم الإسلامية خصائص تناولتها المحطة الأخيرة في المعرض القيمي فهي تتميز بأنها : ربانية المصدر وربانية الغاية و الهدف و ذلك يجعلها تحقق سعادة الإنسان واستقراره كونها موافقة في طبيعتها وتكوينها للفطرة البشرية وهي أيضا شاملة لكل الجوانب القيمية للشخصية الإنسانية ملائمة لكل مرحلة من مراحل النمو البشري، كما تختص القيم الإسلامية بالتوازن فهي تدعو إلى شخصية تراعي جانبي الجسد والروح و توازن بين قيم الفرد و الجماعة والعلم والعمل وتقضي على صور التجزئة والتطرف في التكوين الإنساني.
كذلك تتميز بأنها قيم ثابتة لا تغيرها الأزمنة ولا تبدلها الأمكنة والظروف لكونها ربانية المصدر، كما أنها إيجابية في نظرتها لكل جوانب الحياة، فتدفع الإنسان إلى المواقف الإيجابية و تحارب المظاهر السلبية الداعية إلى الخمول والانطوائية والانعزالية.
كذلك هي مثالية وواقعية في آن واحد، فهي توجه الإنسان نحو المثالية البشرية التي تتطلب الالتزام بأعلى معايير السلوك القيمي آخذة بعين الاعتبار الطبيعة البشرية التي تتجاذبها الأهواء فتفتح للفرد باب التوبة والعودة إلى الصراط المستقيم فلا تحمل الإنسان إلا ما يطيق و لا تغالي في اعترافها بضعف الإنسان وما يعتريه من مظاهر التقصير، وفتح باب التوبة وطريق العودة إلى الصراط المستقيم في النظرة الكمالية الملائكية للإنسان.
بعد ذلك تقوم الزائرات بالانقسام لثلاثة مجموعات حول طاولة دائرية توضع عليها مكعبات تحتوي أحد أوجهها على صور تدل على خصائص القيم الإسلامية و يقمن بتركيب اسم الخاصية مع الصورة التي تحتوي على الأثر.
و بعد أن ينتهين يتوجهن إلى قسم التغطية الإعلامية حيث تقوم الصحفية بسؤالهن:
1- بما أن الدين و اللغة و التاريخ من مكونات القيم ، هل نستطيع القول ان كلمة القيم تتسع لتحمل جميع نواحي الحياة المختلفة؟
2- هل وجدت أن ما وضحه المعرض من معايير و مقاييس قيمية يتفق مع ماكنت تسيرين عليه في حكمك على الاشياء؟
3- لو كنت معروفة بصدقك، بحسن ظنك ، بحيائك، من هم الاشخاص الذين عززوا فيك هذه القيم؟
٤-ماهي أعلى قيمة في حياتك؟
بعد ذلك قدم للزائرات إهداء بسيط و طلب منهن كتابة رأيهن حول المعرض، وعند مخرج المعرض وضع باركود يوصل إلى صفحة في مدونة نادي النورين الالكترونية تحتوي صور عرض رمزية بشعار قيم حيث تأخذ كل منهن التصميم الذي يحمل اسمها و تضعه صورة عرض لها في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، تدل تلك الصورة الرمزية على مشاركتها في حملة قيم و التزامها و استمساكها و فخرها بالقيم الإسلامية التي تتبناها.
يذكر أن المعرض استمر لثلاثة أسابيع 28-12-1434 هــ – 13-1-1435 هـ .. توزعت خلالها عضوات النادي بين عدة مهام كالنظام الداخلي و الخارجي و الإستقبال و الإرشاد و الإلقاء و الصحافة تحت إشراف د. زهراء الغامدي و أ. حصة الذوادي و متطوعات النادي.