تابع الدرس الحادي عشر والأخير من دروس (ضفاف النور) للفصل الدراسي الثاني لعام 1437 – 1438هـ: “تعامل النبي ﷺ مع الدَّوابّ”

تابع الدرس الحادي عشر والأخير من دروس (ضفاف النور) للفصل الدراسي الثاني لعام 1437 – 1438هـ: “تعامل النبي ﷺ مع الدَّوابّ”

“تعامل النبي ﷺ مع الدَّوابّ”

 

قال رجل: “يا رسول الله، إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها، أو قال: إني لأرحم الشاة أن أذبحها.

فقال ﷺ : “والشاةُ إن رحمتها رحمك الله”.

 

الناس مختلفون في أخلاقهم     وطبـاعهم كتنـوع الألـــوان

قلبٌ كما اللبن الحليب بياضه      مُتشــبِّعٌ بتعطُّــفٍ وحنـــان

وسواه قلب كالصفا متحجر   بل ربما أقسـى من الصَّـوَّان

 

في آخر فصول الكتاب، يأتي الحديث عن تعامل النبي ﷺ مع الدواب، حيثُ هو -صلوات الله وسلامه عليه- رحمة لمن في الأرض جميعا.

– يقول ابن مسعود -رضي  الله عنه- كنَّا مع رسول الله ﷺ في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها.

فجاءت الحُمرة فجعلت تفرُش. (أي تُرفرف بجناحيها، وتقرَّبت من الأرض).

فجاء النبي ﷺ فقال: “من فجع هذه بولدها؟ رُدُّوا ولدها إليها”.

– ورأى قرية نملٍ قد حرَّقناها، فقال: “من حرَّق هذه؟”.

قلنا: نحن.

قال: “إنه لا ينبغي أن يُعذَّب بالنارِ إلا ربُّ النارِ”.

 

ونهى عن وسم الحيوان في وجهه أو ضربه في وجهه:

عن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ مرَّ عليه حمار قد وُسِم في وجهه، فقال: “لعن الله الذي وسمه”.

وفي رواية: فقال: “أما بلغكم أني قد لعنتُ من وسم البهيمة في وجهها، أو ضربها في وجهها؟”

 

قال النووي: أما الضرب في الوجه فهو في الآدمي أشد؛ لأنه مجمع المحاسن، وهو لطيف لأنه يظهر فيه أثر الضرب، وربما شانه، وربما آذى بعض الحواس.

 

ونهى عن قتل ما لا ضرر فيه من الحيوانات:

فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “إن النبي ﷺ نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصِّرد”.

أما النمل فلا يُقتل منه إلا ما آذى.

 

وفي المقابل أمر بقتل ما فيه ضرر:

قال ﷺ: “خمسٌ من الفواسق تُقتل في الحِلَّ والحرم: الغراب، والحدَأة، والكلب العقور، والعقرب، والفأرة”.

 

ونهى عن قتل الحيوان على سبيل العبث:

فقال ﷺ: “من قتل عصفورًا بغير حقِّه سأله الله عنه يوم القيامة”.

قيل: “وما حقّه؟

قال: “أن تذبحه فتأكله”.

 

كذلك نهى عن سبِّها ولعنها وخاصَّة الدِّيك:

– فقال: “لا تسبُّوا الديك؛ فإنه يُوقِظُ للصلاة”.

قال الحليمي: يُؤخذ منه أنَّ كُلَّ من استفيد منه الخير لا ينبغي أن يُسبَّ، ولا أن يُستهان به، بل يُكرم، ويُحسن إليه.

 

– وفي إحدى أسفاره ﷺ وامرأة من الأنصار على ناقةٍ، فضجرت، فلعنتها.

فسمع ذلك رسول الله ﷺ فقال: “خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة”.

والمراد: النهي عن مُصاحبته لتلك الناقة في الطريق، وأما ذبحها وبيعها وركوبها في غير مُصاحبته ﷺ فهذا جائز.

 

الحيوانات تشهد بنبوته:

عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: عدا الذئب على شاة، فأخذها، فطلبه الراعي، فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذَنَبِه قال:

ألا تتقي الله! تنزِعُ منِّي رزقًا ساقه الله إليَّ؟

فقال: ياعجبي ذئبٌ مُقعٍ على ذنَبِه يُكلِّمني كلامَ الإنس!

فقال الذئب: ألا أُخبرك بأعجب من ذلك؟ محمدٌ ﷺ بيثرب، يُخبِر الناس بأنباء ما قد سَبَق.

قال: فأقبل الراعي يسوقُ غنمَه حتى دخل المدينة، وأتى النبيَّ ﷺ.. الحديث.

 

إرادته وقدرته سبحانه أن ينطق هذا الحيوان، ثم بمَاذا نطق؟

أخبر عن النبي ﷺ! ودلَّ عليه وعلى دعوته؛ فإذا كان هو ذئبٌ وقدَرَ اللهَ حقَّ قدره؛ فأين نحن من هذا؟

 

أخيرًا..

إن عزَّ لُقيا الحبيب ﷺ فلم يفت التمتُّع به بالسمع، والنظر إليه بالبصير

ما تم تذاكره من سيرته خلال العام نسأل الله أن ينفعنا به وأن يجعل مجالسنا شاهدةً لنا ويقرَّ أعيننا برؤية حبيبنا وأهله وصحابته