الدرس العاشر: “تعامل النبي ﷺ مع كِـبَــار السِّن”

الدرس العاشر: “تعامل النبي ﷺ مع كِـبَــار السِّن”

“تعامل النبي ﷺ مع كِـبَــار السِّن”

 

بسم الله والصلاة والسلام على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ممَّا نقوله ونستعيذ منه كما كان رسول الله ﷺ يفعل، قول: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم).

قال النووي: المراد الاستعاذة من الرد إلى أرذل العمر، لما فيه من الخَرف… والعجز عن كثير من الطاعات والتساهل في بعضها.

ومع ما كان للرسول ﷺ من محاسن الأخلاق مع جميع الناس، إلا انه كان أشد رحمة ورفقا بالضعفاء ككبار السن.

 

فَهُم خيرُ الناس إن انتفعوا برأس مالهم:

عن أبي بكرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، أيُّ الناس خير؟

قال: “من طال عمره، وحسُن عملُه”.

قال: فأي الناس شر؟

قال: “من طال عمره وساء عمله”.

وقال ﷺ: “ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعمَّر في الإسلام؛ لتسبيحه، وتكبيره، وتهليله”.

 

ومن تعظيم الله تعظيم الكبير:

عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: “إنَّ من إجلال الله : إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط”.

أي أن من إجلال العبد لربه وتبجيله له، تعظيم الشيخ الكبير في الإسلام بتوقيره في المجالس، والرفق به، والشفقة عليه، ونحو ذلك؛ وذلك لحرمة الكبير عند الله، ولما له من الحق على غيره.

 

وجمع النبي بين المُسن، وحامل القرآن، والسلطان، وقدَّم المُسِن، كأنه يقول: وقِّر المُسِن كما تُوَقِّر السلطان، وعظِّمه كما تُعظِّم حامل القرآن الحاذق.

ولذلك كان الصحابة ومن بعدهم يعرفون لكبار السن قدرهم، وفي ذلك نماذج مُشرقة كثيرة، وهذه النماذج تُبيِّن عوار المجتمعات غير الإسلامية.

 

في تقرير بعنوان “حالة المسنين في العالم عام 2002” أن المسنين محرومون  من الرعاية الصحية ومن التعليم.

حتى قال أحد مُعدِّي التقرير: “كأنك حين تبلغ الستين لا تُعامل كإنسان”.

والبعض يُطالب بالتخلص من كبار السن بدعوى عدم جدواهم!

لذلك تجد الآباء عندما يرون عقوق المجتمع لكبار السن ومن قبله عقوق أبنائهم لهم.. فإنهم لا يرون من الإنجاب قيمة إن كان هذا جزاؤهم، فنجدهم يستعيضون عن إنجاب الأبناء بتربية الكلاب.. لذا نرى -سبحان الله- مستشفيات وفنادق وغيرها من الخدمات للكلاب.

بخلاف مجتمعاتنا –باستثناء القليل- يلقى كبير السن الاحترام والتبجيل في ظل التعاليم الإسلامية الراقية التي تحث على ذلك.

 

هلَّا تركت الشيخ!

أتى أبو بكر بأبيه أبي قُحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه ﷺ قال: “هلَّا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه”.

قال أبو بكر: “يا رسول الله هو أحقُّ أن يمشيَ إليكَ من أن تمشيَ أنتَ إليه”.

قال: فأجلسه بين يديه، ثم مسَحَ صدره وقال له: “أسلم” فأسلَم.

 

وكان ﷺ  يُقدِّم كبار السن في أمور كثيرة:

انطلق ثلاثة إلى رسول الله ﷺ يكلِّموه في أمر، فبدأ بالحديث أصغرهم سنًّا، فقال له ﷺ: “كبِّر كبِّر” فسكت، وتكلَّما صاحبيه.

– يُقدِّمهم في السقاية، إذا سقى يقول: “ابدءوا بالكبير”.

– ويُقدِّمهم في الإمامة.

– وفي البدء بالسلام عليهم.

– ويُقدِّمهم في العطاء.

 

قال المهلّب: تقديم ذي السن أولى في كل شيء مالم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة تقديم الأيمن فالأيمن من الرئيس أو العالم.

 

وغير ذلك الكثير من مواقف رحمته وتبجيله للكبير

هذا في عموم الكبار، فضلا عن إن كان هؤلاء الكبار من الجيران والأهل، فضلا عنهم إن كانوا من الوالدين

الوصية الوصية بهم