بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
“تعامل النبي ﷺ مع العصاة والمذنبين”
من فضل الله علينا أنَّ الأعمال تُكفِّر صغائر الذنوب
لقد كانوا رضي الله عنهم يُعظِّمون المعاصي فيجتنبونها، ومع ذلك لم يخلُ مجتمعهم ممن استزله الشيطان وهوى النفس، فوقع في بعض الذنوب والمعاصي خصوصًا أنهم كانوا حديثي عهد بجاهلية.
ولكنهم كانوا سرعان ما يتوبون، حتى لو أدى الأمر إلى إزهاق الأرواح وبذل المُهَجِ في سبيل التخلص من عقاب الله يوم الدين.
كان يُبيِّن للعاصي شناعة معصيته، ليتوب منها، ولئلا يعود إلى مثلها:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي ﷺ: حسبك من صفية كذا وكذا- تعني: قصيرة.
فقال ﷺ: “لقد قلتِ كلمة لو مزجت بماء البحر؛ لمزجته”.
والمعنى أن هذه الغيبة لو كانت مما يُمزج بالبحر لغيَّرته عن حاله، مع كثرته وغزارته، فكيف بأعمالٍ نزرةٍ خلطت بها؟
وكان ﷺ ربما هجر بعض العصاة زمنًا، حتى يحكم الله فيهم، أو يتوب عليهم، وقد تجلى ذلك في هجره للثلاثة المتخلِّفين عن غزوة تبوك.
وكان ﷺ يكره أن تُرفع إليه الحدود:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن أول رجل قُطِعَ في الإسلام -أو من المسلمين- رجل أتي به النبي ﷺ فقيل يا رسول الله إن هذا سرق.
فكأنما أسفَّ وجه النبي ﷺ رمادًا، قالوا: يا رسول الله، كأنك كرهت قطعه.
فقال: “وما يمنعني وأنتم أعوان الشيطان على صاحبكم، والله عز وجل عفوٌّ يُحبُّ العفو، ولا ينبغي لوالي أمرٍ أن يُؤتى بحدٍ إلا أقامه”. ثم قرأ: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وكان يحتاط كثيرًا في إقامة الحدود، ويأمر المذنب أن يستر على نفسه، ويتوب فيما بينه وبين نفسه، وإن حصل وحدَّث بذنبه أحد، فإنه يُستحبُّ أن يأمره بالتوبة، ويستر ذلك عن الناس.
قال ابن العربي: وهذا كله في غير المجاهر، فأمَّا إذا كان متظاهرًا بالفاحشة مجاهرًا فإني أحب مكاشفته والتبريح به، لينزجر هو وغيره.
وكان يُفرِّق بين من يعصي جاهلًا أو مُخطئًا وبين من يعصي على علم وعمد:
يقول معاوية بن الحكم السلمي: بينا أنا أُصلي مع رسول الله ﷺ إذْ عطس رجل من القوم..
فقلتُ: …..
رزقنا الله أن نقتدي بهديه ومعاملاته ﷺ التي استوعبت كل أحوال البشر
اللهم حوِّل إيماننا بالإسلام عملا واجعل الإسلام يُرى من خلالنا
هذا والله أعلم وصلِّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الأربعاء – 23 / 6 / 1438 هـ