بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
نُكمل ما بدأناه “عن تعامل النبي ﷺ مع المستفتين”
كان ﷺ ربما أعرض عن السائل والمستفتي تنبيهًا على أدب السؤال:
ومن ذلك حديث أبي هريرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلسٍ يُحدِّث القوم جاءه أعرابي، فقال: متى الساعة؟
فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحدِّث.
فقال بعض القوم: سمع ما قال فكرهَ ما قال، وقال بعضهم بل لم يسمع.
حتى إذا قضى حديثه قال: “أين أراه السائل عن الساعة؟”.
قال: ها أنا يا رسول الله.
قال: “فإذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة”.
وكان يستعمل الحجج العقلية لإقناع السائل:
كالمرأة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي ماتت وعليها صومُ شهر.
فقال: “أرأيتِ لو كان عليها دين أكنتِ تقضينه؟”
قالت: نعم.
قال: “فَدَيْن الله أحقُّ بالقضاء”.
وكان يتناول من الشيء المسئول عنه إن كان مباحًا؛ للتأكيد على إباحته وتطييبا لقلوبهم ومبالغة في تعريهم أنه حلال لا شبهة فيه.
أيضًا كان ﷺ :
وكان يرفق بالسائل الذي جاء تائبًا من ذنب أو خطيئة فلا يُغلِّظ عليه:
كالرجل الذي وقع على امرأته في رمضان، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم هلِعًا، فقال النبي: هل تجد ما تعتق رقبة؟
قال: لا.
قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟
قال: لا.
قال: فهل تجِدُ ما تُطعِمُ ستين مسكينًا؟
قال: لا.
قال ثم جلس، فؤتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: “تصدق بهذا”.
قال: أفقر منَّا؟ فما بين لابتيها أهلُ بيتٍ أحوجُ إليه منَّا.
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: “اذهب فأطعمه أهلك”.
ك
قال ابن حجر: “فلم يُعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم مع اعترافه بالمعصية، ذلك أن مجيئه مستفتيًا يقتضي الندم والتوبة، فلو عوقب لكان سببًا لترك الاستفتاء، وهي مفسدة؛ فاقتضى ذلك أن لا يُعاقب”.
ختاما نسأل الله أن يبارك لنا فيما سمعنا وأن يجعلنا ممن يُقال لهم قوموا مغفورًا لكم
ويرزقنا شفاعة المصطفى وصحبته في الجنة
يوم الأربعاء 2 / 6 / 1438 هـ