الدرس الثاني: “تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المستفتين”

الدرس الثاني: “تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المستفتين”

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا

كيف كان تعامله صلى الله عليه وسلم مع المستفتين، وما هي طريقته ومنهجه في التعامل معهم على اختلاف أحوالهم، والوقائع التي سألوا عنها..؟

 

كان عليه الصلاة والسلام يُراعي حال المستفتي، فيُفتي كل سائل بما يُناسب حاله:

سأله كثير من الصحابة عن أفضل الأعمال وأحسنها، فأجاب إجابات مختلفة..

قال ابن حجر: اختلف الجواب لاختلاف أحوال السائلين، فأعْلَمَ صلى الله عليه وسلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائِقٌ بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره.

ومن ذلك:

  • وكذلك لما سُئل أي الإسلام أفضل، قال: :من سلم المسلمون من لسانه ويده”.
  • ولما سأل أبو هريرة أجابه صلى الله عليه وسلم: إيمان بالله ورسوله، ثم الجهاد في سبيل الله، ثم حجٌّ مبرور.
  • لما سأل ابن مسعود عن أفضل الأعمال أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم: الصلاة على وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله..
  • ومن ذلك أنه سُئِل الوصية فكانت له إجابات مختلفة أيضًا:

– فقال لرجل: “لا تغضب” ورددها مرارًا..

– وسأله سليم ابن جابر الوصية فقال: “عليك باتقاء الل هولا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو ان تُفرغَ من دَلوِكَ في إناء المُستقي، وتُكلِّم أخاكَ ووجهكَ إليه مُنبسِط، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ولا يُحبُّها الله.

وإن امرؤٌ عيَّركَ بشيء يعلمه فيك فلا تُعيِّره بشيء تعلمه منه، دعهُ يكونُ وبالُه عليه وأجره لك، ولا تسُبَّن شيئَا”.

قال: فما سببتُ بعدها دابَّة ولا إنسانًا.

 

وكان يُجيب بجواب الحكيم إذا لم يكن في السؤال فائدة:

ومن هذا قوله تعالى: {يسألونك عن الأهلة} [البقرة:189]

فسألوا عن سبب كون الهلال بدرًا وهلالًا في أول الشهر وآخره، ولما كان السؤال لا فائدة منه؛ أجاب الله تعالى عن الحكمة منها، فقال: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}

فصرف السائل إلى غير ما يسال تنبيهًا إلى أن المهم أن يسألوا عما ينفعهم في صلاح دنياهم وأخراهم، وهو معرفة أن الأهلة ترتبت عليها آجال المعاملات والعبادات، كالحج، والصيام، والعدة…

 

وكان يستفصل من السائل ويستوضح منه ليحيط علما بأطراف المسألة، وتكون الفتوى مطابقة للواقع تماما:

عن النعمان بن بشير بن سعد رضي الله عنهما قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله ثم بدا له فوهبها لي.

فقالت: لا أرضى حنى تُشهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا.

قال: “ألكَ ولدٌ سواه”

قال: نعم.

قال: “أكلُّهم وهبت لهم مثل الذي وهبتَ لابنك هذا؟”.

قال: لا.

قال: “فلا تُشهدني إذُا، فإني لا أشهد على جور”.

 

هذا وللحديث بقية إن شاء الله

والحمد لله رب العالمين وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

يوم الأربعاء 25 / 5 / 1438 هـ