بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى عباده الذين اصطفى..
سمو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم تمثَّلت في صورٍ عديدةٍ، ومع فئات المجتمع قاطبةً: مسلمهم وكافرهم، غنيهم وفقيرهم، رئيسهم ومرؤوسهم…
ولقد كان لذوي الهيئات والمكانة شأن خاص من المعاملة والإكرام عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يُنزلهم من منازلهم، بل يحفظ لهم مكانتهم الخاصة في أقوامهم ويأمر بذلك أصحابه.
وكان يحرص صلى الله عليه وسلم على دعوتهم إلى الله، ويطمع في إسلام كبراء القوم ووجهائهم رغبةً في إسلام من وراءهم، ولذلك كان يوليهم عناية خاصة في الدعوة.
ومن ذلك قصة الطُفَيْل حينما قَدِمَ مكة لحاجة أرادها فاستقبله المشركين عند بابها ليحذروه ويُخوفوه من النبي صلى الله عليه وسلم، خوفًا من أن يتبِّع النبي ويُسم؛ فتُسلم بإسلامه قبيلته كلها… وفيما يلي بعض قصته -رضي الله عنه- يرويها هو بنفسه:
وكان يفرح بإسلام من أسلم منهم ويظهر لهم الاحترام والحفاوة.
وكان يعتذر لهم ويتحمل منم ما يصدر عنهم، بل ودعا إلى التجاوز عن أخطائهم:
فالتجاوز عن ذوي الهيئات منهج نبوي، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم، إلا الحدود”.
أقيلوا: أي اعفوا.
ذوي الهيئات: أصحاب المروءات، والخصال الحميدة.
قال ابن الملك: الهيئة: الحالة التي يكون عليها الإنسان من الأخلاق المرضية.
عثراتهم: أي: زلاتهم.
إلا الحدود: إلا ما يُوجِب إقامة الحدود.
وكان يُحسن إليهم حتى لو كانوا في الأسر؛ حفظًا لمكانتهم، وطمعًا في إسلامهم.
قال لأشجَّ عبد القيس -وكان وافد قبيلة عبد القيس وقائدهم ورئيسهم-: “إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة”.
وذلك لِما جاء: أن الوفد لَمَّا وصلوا إلى المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها، وعَقَلَ ناقته، ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرَّبه النبي وأجلسه إلى جانبه، وقال له: “إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة”.
قال النووي: “أما الحلم فهو العقل، وأما الأناة فهي التثبت، وترك العجلة”.
وكان يهتم بمرضاهم على وجه الخصوص ويكثر زيارتهم.
وكان يُعلِّم الجُفاة منهم ما ينبغي فعله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ماقبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: “من لايرحم لا يُرحم”.
وإن يكن من ذوي الهيئات من زللٍ يعفو ويصفح عمَّا كان من زلَلِ
يُشــاور القــوم معنيًّـا بحكمتـهــم أخذًا بها، ليس للتمويه والجدل
يزيدهــم أعطيــاتٍ؛ كـي يؤلفهــم فيثبت القلب في الإسلام كالجبل
صلى الله على خير الأنام وبارك، وسلم تسليمًا كثيرًا
والحمد لله رب العالمين