بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
حديثنا اليوم عن تعامله ﷺ مع الأعراب
من المعروف أن الأعراب وهم سكان البادية فيهم جفاء وقسوة؛ ولذلك قال النبي ﷺ: “من بدا جفا”.
قال في النهاية (1/ 281): “أيْ: من سكن البادية غلظ طبعه؛ لقلة مخالطة الناس، والجفاء: غلظ الطبع”.
ولم يكن النبي ﷺ يرضى لأحد من أصحابه جاء من البادية وسكن المدينة أن يعود إلى البادية مرة أخرى، وعدّ ذلك من كبائر الذنوب، لكن يجوز هذا في ظروف استثنائية كالتعرب في الفتنة
كان رسول الله ﷺ مع ما هم عليه من الغلظة رحيمًا رقيقًا معهم، يستخدم معهم الأسلوب اللين في النصح والإرشاد:
جاء أعرابي وبال في ناحية في المسجد، فقام الصحابة ينهوه، فقال لهم ﷺ: “لا تزرموه، دعوه”.
فتركوه حتى بال.
ثم دعاهُ رسول الله ﷺ فقال له: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن)).
قال فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه..
وموقفه مع الأعرابي الذي جبذه بردائه جبذة شديدة أثرت في عنق رسول الله ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك!
فالتفت إليه رسول الله ﷺ، فضحك ثم أمر له بعطاء.
و كان يجالسهم ويضحك معهم ويتبسط معهم في الحديث، وينزل عليه الضيف منهم، فيحسن ضيافته و إكرامه.
وربما سابق بعضهم على الإبل:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان للنبي ﷺ ناقة تُسمى العضباء، لا تكاد تُسبق.
فجاء أعرابي على قعود فسابق رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقه. فاشتد ذلك على المسلمين وقالوا سبقت العضباء. فلما رأى ما في وجههم قال رسول الله ﷺ: ((إن حقا على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا و ضعه)).
وكان يزجرهم عن النظر في البيوت من غير استئذان:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: اطلع رجل من جحر في حجر النبي ﷺ ومع النبي ﷺ مدرى يحك به رأسه.
فقال: ((لو أعلم أنك تنظر؛ لطعن به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر)) .
قال النووي: ((معناه: أن الاستئذان مشروع و مأمور به، و إنما جُعِل لئلا يقع البصر على الحرام، فلا يحل لأحد أن ينظر في جحر باب و لا غيره مما هو متعرض فيه؛ لوقوع بصره على امرأة أجنبية)). .
وكان ربما عاتبهم على بعض أفعالهم وقسوتهم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبَّل رسول الله ﷺ الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحدًا.
فنظر إليه رسول الله ﷺ، ثم قال: “من لا يرحم لا يُرحم”.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ، فقال: تُقَبِّلُون الصبيان؟ فما نُقبِّلُهم.
فقال النبي ﷺ: “أوْ أملك لكَ أنْ نزعَ الله من قلبك الرحمة؟”.
أخيرًا..
كثيرًا ما تُسبب سوء النّصيحة نفورًا أكبر عن الحق، ضعي في بالك أن هذه المُخطِئَة فعلت خطأها عن جهل فانصحيها بقلب مشفقٍ كما كان يفعل ﷺ..
لابد أن نستحضر سيرته الطيبةﷺ ونتوقف عندها، وسننعم بالخير كله.. نسأل الله أن ينفعنا بما تعلمنا
والحمد لله رب العالمين
الأربعاء – 9 / 6 / 1438 هـ