بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ وسلم على نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين..
قد كان في المجتمع المسلم ما لا بُدَّ منه في كل مجتمع بشري من الاختلاف على أعراض الحياة الدنيا، أو الزللِ باتباع بعض نزغات الشيطان؛ مما يؤدي إلى شيء من الخصومات والتحاكم.
وكان النبي يصلح بين المتخاصمين، ويذكرهم بالله، ويحذرهم من أن يقتطع أحدهم من حقِّ أخيه شيئًا، ويعلمهم أن لا ينسوا الفضل بينهم…
وسنقف على شيء من مواقفه صلى الله عليه وسلم مع المتخاصمين فيما يلي:
|1| سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما.
وإذا أحدهما يستوضع الآخر، ويسترفقه في شيء.
وهو يقول: والله لا أفعل.
فخرج عليهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: “أين المتالي على الله لا يفعل المعروف؟”. [المتألي: أي الحالف المبالغ في اليمين].
فقال: أنا يارسول الله، وله أيُّ ذلك أحب.
تأملات/
- في الحديث الزجر عن الحلف على ترك فعل الخير، ويُستحب لمن حلف على ذلك أن يحنث ويكفِّر عن يمينه.
- قبول شفاعة الرسول وفور الامتثال لطلبه… ذلك الذي أورثهم القوة والتمكين في الأرض.
|2|
|3| ويُبيِّنُ لهم أنه يحكم بينهم بحسب الظاهر، وأن حكمه بالظاهر لا يحل للمٌبطِل أخذ حقِّ غيره.
|4| وكان لا يحكم على المُدَّعى عليه إلا باعترافه أو بوجود بينة.
|5| ومع قضائه بالحق بين الخصوم فإن ذلك لا يمنعه من تطييب خواطر الجميع:
اختصم علي، وجعفر، وزيد بن حارثة… على ابنة حمزة بن عبد المطلب -بعد استشهاده- أيهم يكفلها؟
فحكم النبي بكفالة الابنة لطرف رابع هو أحقُّ منهم، وطيَّب خواطر الثلاثة رضوان الله عليهم …
وفيما يلي حكاية الموقف:
قال ابن دقيق العيد: “والذي قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لهؤلاء الجماعة من الكلام المطيّب لقلوبهم من حسن أخلاقه.
ولعلك تقول: أما ماذكره لعلي وزيد فقد ظهرت مناسبته؛ لأن حرمانهما من مرادهما مناسب لجبرهما بذكر ما يُطيِّب قلوبهم.
وأما جعفر: فإنه حصل له مراده من أخذ الصبيَّة، فكيف ناسب ذلك جبره بما قيل له؟
فيُجاب عن ذلك: بأن الصبيَّة قد استحقتها الخالة، والحكم بها لجعفر بسبب الخالة، لا بسبب نفسه، فهو في الحقيقة غير محكوم له بصفته، فناسب ذلك جبره بما قيل له”.
|6|
ختامًا نسأل الله أن يعيننا على التأسِّي بسنته صلى الله عليه وسلم قولًا وعملًا ويزيننا من طيب خُلُقه وجميل تعامله…
والحمد لله رب العالمين.