الدرس الثامن : روائع الحديث

الدرس الثامن : روائع الحديث

فوائد الحديث الثاني مراتب الدين

 

عن عُمرَ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- أيضاً قالَ:( بَينَما نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ يَوْمٍ إذْ طلَعَ عَلَيْنا رَجُلٌ شَديدُ بَيَاضِ الثِّيابِ، شَديدُ سَوادِ الشَّعْرِ، لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إلى النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ. وقالَ: يا محمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ. فَقالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِليْهِ سبيلا “. قالَ: صَدَقْتَ. قالَ: فَعَجِبْنا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ. قالَ: “أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِِ”. قالَ: صَدَقْتَ. قالَ: فَأَخْبِرْني عَنِ الإحسانِ؟ قالَ: “أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإِنَّهُ يَرَاكَ”. قالَ: فَأَخْبِرْني عَنِ السَّاعةِ. قالَ: “مَا الْمَسْؤُولُ عَنْها بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ “. قالَ: فَأخْبِرْني عَنْ أَمَاراتِها. قالَ: “أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ، يَتَطاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ”. قالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا. ثُمَّ قالَ: “يا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟”. قُلتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) رواه مسلِمٌ .

 

الشرح :

الحديث أصل جامع لأصول الدين الاعتقادية والعملية، وفيه من الفوائد:

1-      مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لتعليمهم وإيناسهم.

2-      التعارف بين الصحابة رضي الله عنهم، لقوله : ( ولا يعرفه منا أحد).

3-      أن السفر يورث الشَّعَث والغُبْرة.

4-      أن من طرق الوحي أن يتمثل الملك بصورة رجل فيكلم النبي صلى الله عليه وسلم.

5-      قدرة الملَك على التمثل بصورة الإنسان كما {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً }[مريم 17] والمراد روح الله الذي هو جبريل، وكذلك كان يتمثل للنبي صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث، ولهذا عُرف هذا الحديث عند أهل العلم بحديث جبريل.

6-      مشروعية التعليم بالسؤال والجواب.

7-      جواز أن يَسأل الإنسان عمّا يعلم ليستفيد غيرهُ باستخراج ما عند العالم.

8-      احتمال العالم جفاء الجاهل، لقوله : ( يا محمد ) ولمبالغته في الدنو من النبي صلى الله عليه وسلم.

9-      العناية بمهمات الدين وأصوله.

10-    البداءة بالأهم فالمهم في أصول الإيمان والإسلام.

11-    الفرق بين الإسلام والإيمان إذا اقترنا في الذكر.

12-    أن الإسلام أخص بالأعمال الظاهرة، والإيمان أخص باعتقاد القلب.

13-    أن أصول الإسلام القولية والعملية هي المباني الخمسة.

14-    أن أصل الدين مطلقاً شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

15-    التلازم بين الشهادتين في الحكم فلا تصح إحداهما دون الأخرى.

16-    تفرد الرب بالإلهية وبطلان كل معبود سواه.

17-    اعتبار الشهادة –وهي الإقرار- ظاهراً وباطناً بالتوحيد والرسالة لصحة الإسلام.

18-    أن الصلوات الخمس أوجب الواجبات على المسلم، وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.

19-    وجوب إقامتها كما أمر الله وبين رسوله صلى الله عليه وسلم.

20-    أن إيتاء الزكاة أعظم أصول الإسلام بعد الصلاة.

21-    الاقتران بين الصلاة والزكاة في نصوص الشرع وهو يدل على عظم شأن الزكاة.

22-    أن العبادات منها بدنية كالصلاة والصوم، ومنها مالية كالزكاة.

23-    أن صيام رمضان من أصول الإسلام.

24-    أن الحج إلى بيت الله الحرام من أصول الإسلام.

25-    فضل شهر رمضان.

26-    فضل البيت الحرام.

27-    أن الحج لا يجب إلا على المستطيع، كما دل على ذلك قوله تعالى {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[آل عمران : 97].

28-    أن تصديق السائل للمخبر يشعر بأن لديه علماً سابقاً، لقوله (فعجبنا له يسأله ويصدقه ).

29-    أن الأصل في السائل عدم العلم، وأن الجهل هو الباعث على السؤال.

30-    تنبيه المستمعين بالإشارة إلى مقصود السائل، وهو تعليمهم، وذلك في قوله : ” صدقت “.

31-    أن أصول الإيمان ستة، وهي أصول الاعتقاد.

32-    أن الأصل الجامع لهذه الأصول هو الإيمان بالله.

33-    إثبات الملائكة وإثبات الكتب والرسل.

34-    وجوب الإيمان بالملائكة وأنه من أصول الإيمان.

35-    وجوب الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله وأنه من أصول الإيمان.

36-    وجوب الإيمان بالرسل وأنه من أصول الإيمان.

37-    وجوب الإيمان باليوم الآخر وأنه من أصول الإيمان.

38-    وجوب الإيمان بالقدر وأنه من أصول الإيمان.

39-    وجوب الإيمان بهذه الأصول إجمالاً على كل مكلَّف.

40-    فضل الملائكة والرسل لإضافتهم إلى الله، وهي من إضافة المخلوق إلى خالقه سبحانه إضافة تخصيص وتشريف.

41-    فضل كتب الله المنزلة على رسله لأنها كلامه، وكلامه صفته سبحانه.

42-    إثبات اليوم الآخر وهو يوم القيامة، ويدخل في الإيمان به الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت.

43-    إثبات القدر وأنه شامل لكل ما يكون من خير وشر.

44-    ذكر مراتب الدين والترقي في ذكرها من العام إلى الخاص إلى الأخص؛ الإسلام فالإيمان فالإحسان، فكل محسن مؤمن وكل مؤمن مسلم وليس العكس.

45-    بيان حقيقة الإحسان في العمل وهي أن تعبد الله كأنك تراه. وهذا مقام المراقبة.

46-    أن العبد لا يرى ربه في الدنيا.

47-    إثبات الرؤية لله تعالى.

48-    أن استحضار اطلاع الله يبعث على المراقبة وإحسان العمل.

49-    أن الساعة وهي القيامة لا يعلم موعدها إلا الله تعالى، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.

50-    أن جبريل لا يعلم متى الساعة، ولا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

51-    أن للساعة أمارات، أي علامات، وهي أشراطها.

52-    ذكر علامتين من علامات قرب الساعة، وهي أن تلد الأمة ربتها، وأن يتطاول البدو في البنيان، وهذا كناية عن تحضرهم وسكناهم القرى والأمصار، وغناهم بعد الفقر.

53-    أنه عند كثرة الرقيق قد يملك الولد أمه وهو لا يدري ويكون رباً لها، أي سيداً.

54-    التنبيه بالأدنى على الأعلى، حيث ذكر الطبقة الفقيرة من البدو مما يدل على أن الأغنياء منهم أحرى بذلك.

55-    أن بسط الدنيا يحمل على التنافس في متاعها.

56-    علم النبي صلى الله عليه وسلم بأن السائل جبريل عليه السلام، إما من أول مجيئه أو بعد ذلك.

57-    إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالسائل وبمقصوده.

58-    أن من الدين الإيمان بأنه لا يعلم وقت الساعة إلا الله وأن من الدين العلم بأماراتها.

59-    تفويض العلم إلى الله ورسوله فيما لا يعلم العبد.

60-    سؤال العالم أصحابه عن الأمر ليعلمهم به.

61-    فضيلة عمر – رضي الله عنه – حيث خصه الرسول صلى الله عليه وسلم بإخباره عن السائل.

62-    إضافة الدين إلى العباد لأنهم المأمورون به والقائمون به، ويضاف إلى الله لأنه الذي شرعه كما قال سبحانه:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ }[آل عمران : 83].

 

 

فوائد الحديث الثالث أركان الإسلام

عنْ أبي عبدِ الرَّحمنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ -رَضِي اللهُ عَنْهُما- قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ:( بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقامِ الصَّلاَةِ، وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ.

 

الشرح :

يعد هذا الحديث من حيث معناه ومضمونه جزءًا من حديث جبريل المتقدم، فيرجع في فوائده إلى ما ذكر هناك.

 

 

فوائد الحديث الرابع مراحل الخلق

عنْ أبي عبدِ الرَّحمنِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ: حدَّثنا رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ، وهو الصَّادِقُ المصْدُوقُ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فيهِ الرُّوحَ، وَيُؤمَرُ بأرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ. فَوَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا). رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.

 

الشرح :

الحديث أصل في إثبات القدر، وفيه من الفوائد:

1-      تأكيد الرواية بالتصديق بالتحديث (حدثنا)، وأصرح منها التصريح بالسماع.

2-      تأكيد الرواية بذكر صدق المُخبِر وصِدق من أخبره، وهو الصادق المصدوق.

3-      أن خلق الإنسان أطوار.

4-      أن أطوار الجنين –قبل نفخ الروح- ثلاثة : نطفة فعلقة فمضغة، وقد ذكر الله هذه الأطوار مجتمعة في آيتين في سورة الحج والمؤمنون، وذَكَرها متفرقة في مواضع.

5-      أن مدة كل طور أربعون يوماً.

6-      علم من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن هذه الأطوار وهذه المقادير لم يكن في العادة الاطلاع عليها.

7-      أن للأرحام ملَكاً معيناً أو جنساً يتولى تصويرَ الجنين ونفخَ الروح فيه وكتابةَ قدره.

8-      أن خلق جسد الإنسان قبل خلق روحه.

9-      أن نفخ الروح فيه يكون بعد مئة وعشرين يوماً من ابتداء الحمل.

10-    تقدير أمر الإنسان رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد وهو في بطن أمه، وهذا تقدير خاص لا ينافي القدر العام الأول في اللوح المحفوظ، ولا ينافي وقوع هذه الأمور بأسباب.

11-    أن الملَك لا يعلم ذلك ولا يكتبه إلا بأمر الله وإعلامه ذلك وهذا التقدير.

12-    أن خلق الإنسان يكون بأسباب ظاهرة وأسباب خفية، والله تعالى هو خالق الأسباب والمسببَّات فهو الخالق حقيقة.

13-    وجوب الإيمان بالقدر.

14-    الحلف على الفتيا.

15-    تأكيد اليمين بذكر صفة الوحدانية في الإلهية.

16-    أن الأعمال بالخواتيم.

17-    أن من كُتب شقياً لابد أن يُختم له بسبب ذلك وإن كان يعمل بطاعة الله قبل ذلك.

18-    أن من كُتب سعيداً لابد أن يختم له بسبب ذلك وإن عمل بمعصية الله قبل ذلك.

19-    وجوب الخوف من سوء الخاتمة، والحذر من أسبابها.

20-    وجوب الأخذ بأسباب حسن الخاتمة.

21-    استعمال المجاز في الكلام، وذلك في التعبير عن الزمن اليسير بمقياس المساحة وهو الذراع.

22-    ترتيب الجزاء على العمل.

23-    أن للسعادة أسباباً، وهي الإيمان والتقوى، وللشقاوة أسباباً، وهي الكفر واتباع الهوى.

24-    أن كلًّا ميسر لما جرى به القدر.

25-    الرد على القدرية من قوله صلى الله عليه وسلم : ( أمر بكتب أربع كلمات ) والرد على الجبرية من قوله ( فيعمل بعمل أهل الجنة ويعمل بعمل أهل النار ).

26-    إثبات الملائكة وأن منهم الموكلين ببني آدم.

27-    أن الملائكة عباد يؤمرون ويُنهون.

28-    أنهم يكتبون كتابةً الله أعلم بكيفيتها .

29-    أن الروح شيء قائم بنفسه لا عَرَضٌ، وهو ما يقوم بغيره خلافاً لبعض المتكلمين.

30-    أن الملك ينفخ ولا نعلم كيفية النفخ، وشاهده من القرآن{فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا}[الأنبياء : 91] والمراد نفخ الملك في فرجها.

 

 

 

 

 

الحديث الخامس النهي عن الإبتداع في الدين

عَنْ أمِّ المُؤمِنينَ أمِّ عبْدِ اللهِ عائشةَ -رَضِي اللهُ عَنْهَا- قالَتْ: قالَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاريُّ ومسلمٌ. وفي روايةٍ لمسلمٍ: ( مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيهِ أَمْرُنا فَهُوَ رَدٌّ).

 

الشرح :

هذا الحديث أصل من أصول الدين، وهو ميزان للاعتقادات والأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وفيه من الفوائد :

1-      أن الدين مبناه على الشرع.

2-      أن كل ما أُحدث في الدين مما لم يأذن به الله باطل مردود.

3-      أن الدين الذي شرعه الله مقبول عنده سبحانه.

4-      أن كل ما وافق شرع الله من العبادات والعقود صحيح، وكل ما خالفه باطل.

5-      عموم الحديث يدل على بطلان كل صلاة وكل صيام منهي عنه ، وبطلان كل عقد منهي عنه.

6-      أن كل البدع الاعتقادية والعملية باطلة، كبدعة التعطيل والإرجاء ونفي القدر والتكفير بالذنوب والعبادات البدعية.

7-      بطلان كل شرط وصلح يحل حراماً أو يحرم حلالاً، كما قال – صلى الله عليه وسلم -: ( ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مئة شرط ).

8-      الإشارة إلى وقوع البدع.

9-      أن النهي يقتضي الفساد.

10-    أن حكم الحاكم لا يغير ما يدل عليه الشرع في الباطن.

11-    أن من أنواع عقوبات الذنوب حبوط العمل وفوات المقصود.

12-    ذم من يحدث في الدين.

13-    أن الدين ليس بالرأي والاستحسان.

14-    الإشارة إلى كمال الدين.

 

 

فوائد الحديث السادس البعد عن مواطن الشبهات

عن أبي عبدِ اللهِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ – رَضِي اللهُ عَنْهُما – قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقولُ: ( إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُـهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وهِيَ الْقَلْبُ ). رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.

 

الشرح :

الحديث أصل من أصول الدين في الحلال والحرام، وفيه من الفوائد :

1-      تقسيم الأشياء من حيث الحل والحرمة إلى ثلاثة أقسام : حلال بيِّن وحرام بيِّن ومشتبه، وهذا التقسيم شامل للمطاعم والمشارب والملابس والمناكح والعبادات والمعاملات. والحرام منه ما حُرِّم لحق الله كالميتة والدم والخنزير، ومنه ما حُرِّم لحق العبد كالمغصوب والمسروق. والحلال منه ما نص الشرع على حلِّه كبهيمة الأنعام وصيد البحر، ومنه ما سكت عنه الشرع مثل أنواع الطير مما ليس له مخلب. والمشتبه ما تجاذبته الأدلة أو مقتضِيات الحلّ والحرمة، فيشكل حكمه على كثير من الناس ويتبين حكمه لأهل العلم، فإما حلال أو حرام فما تبيّن للعالم حلُّه التحق عنده بالحلال البين وما تبين له تحريمه التحق عنده بالحرام البيّن.

وعلى هذا فقد يرى العالم حل ما يرى العالم الآخر تحريمه. ومردّ هذا إلى اجتهادهما، فمن أصاب منهما فله أجران ومن أخطأ فله أجر واحد، وخطؤه مغفور، وعلى المقلد أن يقتدي بأعلمهما وأوثقهما حسبما ظهر له مع التجرد عن الهوى والتعصب.

2-      أن من الحلال ما هو بين تعرفه العامة والخاصة، ومن الحرام ما هو بين تعرفه العامة والخاصة، فمن الأول الأكل والشرب مما يخرج من الأرض، ومن الثاني الزنى وشرب الخمر.

3-      فضل العلم الذي به الفرقان بين الحق والباطل والحلال والحرام.

4-      الإرشاد إلى اتقاء المشتبهات، وهي ما حصل فيه التردد في حله وحرمته.

5-      أن في اجتناب الشبهات احتياطاً للدين والعرض بالسلامة من الوقوع في الحرام.

6-      أن الإقدام على المشتبهات سبب للوقوع في الحرام.

7-      أن من طرق البيان ضرب الأمثال وتشبيه المعقول بالمحسوس.

8-      أن المتسبب في إتلاف مال الغير بماشيته ضامن له.

9-      أن الاقتراب من الحمى والمحظور سبب للوقوع فيه.

10-    أن من عادة الملوك أن يكون لهم حمى يمنعون الناس منه بحق أو بغير حق.

11-    أن لملك الملوك سبحانه حمى، وهو ما حرَّم على عباده كالفواحش ما ظهر منها وما بطن.

12-    وجوب اجتناب محارم الله.

13-    وجوب اجتناب الأسباب المفضية إلى المحرمات.

14-    أن مدار الصلاح والفساد في الإنسان على القلب، وسائر الجوارح تابعة له صلاحاً أو فساداً.

15-    أن صلاح الباطن يستلزم صلاح الظاهر، وفساد الظاهر يستلزم فساد الباطن. وقد يصلح الظاهر مع فساد الباطن كحال المنافق والمرائي.

 

 

الحديث السابع النصيحة عماد الدين

عن أبي رُقَيَّةَ تَميمِ بنِ أوْسٍ الدَّاريِّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- أنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قالَ: ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ “. قُلْنَا: لِمَنْ يا رسول الله؟ قالَ: ” للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ). رواهُ مسلمٌ.

 

الشرح :

الحديث أصل جامع من أصول الحديث، ومن جوامع الكلم التي أوتيها النبي – صلى الله عليه وسلم – :

 

وفيه من الفوائد :

 

1-      أن الدين كله نصيحة، وأن النصيحة كلها من الدين.

2-      تعلُّق النصيحة بالخمسة المذكورة.

3-      حقيقة النصيحة القيام بما أوجب الله وما شرعه الله لما تتعلّق به النصيحة مما ذكر في الحديث :

–        فمن النصيحة لله: الإيمان به وتوحيده في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وإخلاص الدين له.

–        ومن النصيحة للقرآن: الإيمان به وتعظيمه والوقوف عند حدوده.

–        ومن النصيحة للرسول – صلى الله عليه وسلم -: الإيمان به ومحبته واتباعه – عليه الصلاة والسلام -.

–        ومن النصيحة لأئمة المسلمين: السمع والطاعة لهم بالمعروف ومعرفة قدر العلماء والرجوع إليهم في معرفة أمور الدين.

–        ومن النصيحة لعموم المسلمين: محبة الخير لهم وتعليم جاهلهم وإرشاد ضالهم والإحسان إليهم وكف الأذى عنهم.

4-      البداءة بالأهم فالأهم.

5-      التفصيل ببيان من له النصيحة لبيان مراتبهم.

6-      النص على حق القرآن وحق الرسول صلى الله عليه وسلم وحقوق العباد وإن كانت داخلة في حق الله، فإن من النصيحة لله : الإيمان بكتابه ورسوله، وطاعتُه بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي حقوق عباده.

7-      أن الدين عبادة ومعاملة.

8-      إنزال كلِّ أحد من الناس منزلته.

9-      تأكيد الكلام بالتكرار للاهتمام والإفهام، كما جاء في رواية الإمام أحمد : ( الدين النصيحة ) “ثلاثاً ” .

 

 

 

الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله

عن ابنِ عُمَرَ -رَضِي اللهُ عَنْهُما- أنَّ رسولَ اللهِ – صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قالَ: ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى ). رواه البُخاريُّ ومسلِمٌ.

 

الشرح :

الحديث أصل في جهاد الكفار ليدخلوا في الإسلام

وفيه من الفوائد :

1-      أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبد لله ورسول

2-      أن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله أمره ونهيه وشرعه.

3-      جواز إبهام الآمر للعلم به اختصاراً، إذ لم يقل صلى الله عليه وسلم : أمرني الله أو ربي.

4-      أن الله أمره بقتال الكفار، فقوله : ( أُمرت ) أي : أمرني ربي.

5-      وجوب الجهاد.

6-      أن قتال الكفار لا يقتصر على الدفاع بل يقاتلون ابتداءً فيكون قتالهم على وجهين دفاعاً وهجوماً.

7-      أن الغاية الأولى من قتال الكفار الدخول في الإسلام والثانية الخضوع لدولة الإسلام ببذل الجزية. وأخذ الجزية قيل : من جميع الكفار، وقيل من المجوس ومن أهل الكتاب، والراجح –والله أعلم- القول الأول لحديث بريدة – رضي الله عنه –عن مسلم- وفيه : ( فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى الإسلام، فإن أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ).

8-      أنه لا يُكف عن قتال الكفار مطلقاً حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويلتزموا إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، لكن من أظهر الإسلام بأي شيء يدل عليه وجب الكف عنه ثم ينظر في حاله بعد ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا “لا إله إلا الله ” وقوله لأسامة – رضي الله عنه – : “أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله ).

9-      أن أعظم مباني الإسلام : الشهادتان، وبعدهما الصلاة والزكاة.

10-    اقتران هذه الأصول الثلاثة الشهادتان والصلاة والزكاة.

11-    أعظم فرائض الدين –بعد الشهادتين- الصلوات الخمس والزكاة.

12-    عظم شأن الزكاة في الإسلام حيث قرنت بالصلاة في نصوص الكتاب والسنة.

13-    أن عصمة دم الكافر وماله إنما تتحقق بهذه الثلاثة.

14-    حل الغنائم للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته.

15-    أن المسلم معصوم الدم والمال، فدمه حرام وماله حرام إلا أن يأتي في الإسلام بما يبيح دمه أو ماله، وهو حق الإسلام المذكور في الحديث.

16-    أن أحكام الدنيا تجري على الظاهر، وتفوض السرائر إلى الله.

17-    أن الله يعلم سرائر العباد.

18-    أن الله هو الذي يحاسب العباد ويجازيهم على أعمالهم.

19-    أن الله أوجب على نفسه أن يبعث العباد ويحاسبهم ويجزيهم، يشير إلى ذلك قوله: ( وحسابهم على الله ).

20-    اقتران هذه الأصول الثلاثة: الشهادتان والصلاة والزكاة.

 

 

الحديث التاسع النهي عن كثرة السؤال والتشدد

عَن أبي هُريرةَ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقولُ: ( مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ واخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ). رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.

 

الشرح :

الحديث من الأصول الحد يثية وجوامع الكلم.

 

 

وفيه من الفوائد :

1-      وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه.

2-      وجوب اجتناب المنهي المحرَّم كلِّه، وأنه لا يُعلَّق ذلك على الاستطاعة، ويُستثنى من هذا ما أبيح للضرورة أو للإكراه لأن مناط التكليف الاستطاعة، والاستطاعة شرط في جميع الواجبات.

3-      وجوب فعل المأمور وتعليق ذلك على الاستطاعة.

4-      أن العبد إذا عجز عن كل المأمور أتى منه بما يستطيع.

5-      أن للعبد استطاعة وقدرة على الفعل والترك، خلافاً للجبرية.

6-      ترك الأسباب المفضية إلى المحرم، لأن ذلك من معنى الاجتناب.

7-      تحريم كثرة السؤال، لأنه يتضمن التعنت والتكلف وعدم الانقياد للأمر.

8-      تحريم الاختلاف على النبي صلى الله عليه وسلم بالتنازع في أمره أو معصيته.

9-      ذم الأمم الماضية بكثرة السؤال والاختلاف على الأنبياء.

10-    أن ذلك سبب هلاكهم المعنوي فإن الكفر والمعاصي هلكة، أو الحسي وذلك بالعقوبات المدمرة.

11-    أن كثرة السؤال والاختلاف يقع في هذه الأمة، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ).

 

ومما يتعلق بسبب الحديث وأصله :

12-    أن الحج فرض، وذلك معلوم من الكتاب والسنة والإجماع.

13-    أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار.

14-    أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو أمر بالحج كل عام لوجب.

15-    أن الحج كل عام غير مستطاع لأكثر الناس.

16-    أن السؤال عن وجوبٍ أو تحريمٍ وقتَ نزول القرآن قد يكون سبباً للوجوب أو التحريم كما جاء في الحديث : ( إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته ).

17-    أن الأصل براءة ذمة المكلف حتى يرد الأمر أو النهي.

 

 

الحديث العاشر سبب إجابة الدعاء

عن أبي هريرةَ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبِّ.. يا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلكُ؟ ). رواه مُسْلمٌ.( )

 

الشرح :

هذا الحديث أصل فيما يُقبل ويرد من الأعمال، وفي إيثار الحلال على الحرام. وفيه من الفوائد المستنبطة من الحديث والآيتين:

1-      أن من أسماء الله الطيِّب.

2-      كمال الرب سبحانه في أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، كما يدل عليه قوله : ( إن الله طيب.. ).

3-      أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال والأقوال إلا طيبها، وهو ما كان خالصاً لوجهه وموافقاً لأمره وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

4-      أن الإنفاق من الحرام لا يقبله الله لأنه خبيث.

5-      أن الحلال من المكاسب والأعيان طيب فالصدقة منه مقبولة.

6-      وجوب الأكل من الحلال واجتناب الحرام.

7-      أمر الرسل والمؤمنين بذلك.

8-      إباحة الأكل من الجيد من المطاعم والمشارب.

9-      ذم الذين يمتنعون من أكل الطيب الحلال.

10-    أن الرسل عباد لله يأمرهم وينهاهم.

11-    أن للمؤمن في الرسل أسوة.

12-    أن المؤمنين لا يعبدون إلا الله.

13-    تكريم المؤمنين بخطابهم بوصف الإيمان.

14-    أن الإيمان يقتضي فعل المأمورات وترك المنهيات.

15-    أن التوحيد يقتضي شكر الله على نعمه وقبول رزقه.

16-    أن الشكر إنما يكون بالعمل الصالح لقوله تعالى للمؤمنين{وَاشْكُرُواْ لِلّهِ }في مقابل قوله للرسل :{وَاعْمَلُوا صَالِحًا }.

17-    إثبات علمه تعالى بأعمال العباد ، وفي ذكر العلم بعد الأمر وعد ووعيد، لقوله :{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }.

18-    استشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن.

19-    الاستعانة بأكل الحلال على العمل الصالح.

20-    أن أكل الحرام أو الإنفاق منه قد يبطل العمل أو ينقص الثواب.

21-    أن من موانع إجابة الدعاء أكل الحرام.

22-    أن من أسباب إجابة الدعاء طول السفر والشَّعَث ورثاثة الهيئة، لأن ذلك يوجب انكسار القلب.

23-    أن من أسباب الإجابة رفع اليدين والإلحاح.

24-    أن من غلب عليه الحرام في طعامه وشرابه ولباسه يبعد أن يُستجاب له، ولو أتى بأسباب الإجابة.

25-    أن الأكل – وفي معناه الشرب- أهم وجوه الانتفاع وبعده اللباس وبعده المركب والمسكن، فالأكل والشرب أولاها بالحلال، ثم ما بعده، وما كان من المكاسب مشتبهاً فينفق في المركب والمسكن.

26-    سوء أثر تغذية الصبي بالحرام وإن لم يكن عليه إثم بذلك.

27-    وصف الله بالربوبية.

28-    التوسل إلى الله –في الدعاء- بربوبيته.

29-    استبعاد الإجابة عن جنس من قام به المانع، فلا يجزم بذلك في حق المعيَّن.

 

 

الحديث الحادي عشر اترك ما شككت فيه

عن أبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، سِبْطِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ورَيْحانَتِهِ -رَضِي اللهُ عَنْهُما- قالَ: حَفِظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ ). رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائِيُّ، وقالَ التِّرمذيُّ: (حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ).

 

الشرح :

هذا الحديث أصل في ترك جميع المشتبهات والمشكلات من الأعمال والأقوال والمطاعم والمشارب وغير ذلك. وفيه من الفوائد:

1-      تربية الصغار على الآداب الشرعية لينشؤوا على الأخلاق الكريمة.

2-      الأمر بترك المشتبهات، ويشهد له حديث ) فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ).

3-      أن المشتبهات تورث قلقاً في النفس.

4-      الإرشاد إلى الاحتياط في الدين، وذلك بالعدول إلى ما يطمئن إليه القلب وتطمئن إليه النفس، كما جاء في الحديث.

5-      الترغيب في الصدق والتحذير من الكذب.

6-      أن الصدق سبب الطمأنينة في النفس، والكذب سبب الريب والقلق.

7-      رحمة الله بعباده إذ أمرهم بما فيه راحة النفس. والبال ونهاهم عمّا فيه قلق وحيرة.

8-      نصح الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن تعليمه.

9-      أن هذا الحديث من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم وعَدَّها من خصائصه.

10-    اطِّراح الشك والبناءُ على اليقين في الأحكام.

 

 

 

الحديث الثاني عشر الاشتغال بم يفيد

عن أبي هريرةَ – رَضِي اللهُ عَنْهُ – قالَ: قالَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : ( مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ ). حديثٌ حَسَنٌ رواه التِّرمذيُّ وغيرُه.

 

الشرح :

هذا الحديث أصل في منهج المسلم فيما يأتي ويذر في ضوء الإسلام،

 

وفيه من الفوائد:

1-      أن من محاسن الإسلام العناية بما ينفع في الدين ثم في الدنيا.

2-      الإرشاد إلى ترك ما يضر في الآخرة وترك مالا ينفع.

3-      الإرشاد إلى ترك ما ليس من شأن الإنسان، وما ليس منه بسبيل.

4-      من حسن الإسلام ترك السؤال عمّا لا سبيل إلى معرفته، كحقائق الغيب وتفاصيل الحِكَم في الخلق والأمر، وكذا السؤال والبحث عن مسائل مقدّرة ومفترضة لم تقع، أو يندر أن تقع، أو لا تكاد تقع، أو لا يتصور وقوعها.

5-      الإرشاد إلى فعل محاسن الدين وترك ما ينافيها.

 

 

 

الحديث الثالث عشر من كمال الإيمان

 

عن أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ خادمِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ( لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.

 

الشرح :

الحديث أصل في النصح لكل مسلم،

 

وفيه من الفوائد:

1-      وجوب النصيحة لكل مسلم.

2-      أن من النصيحة محبة الخير للمسلم، وكراهة الشر له، كما يحب المرء لنفسه ويكره لنفسه.

3-      أن النصيحة من الإيمان.

4-      أن الإيمان يتفاضل، فإن النفي في الحديث نفي لكمال الإيمان الواجب، فإن الإيمان لا يُنفى إلا لترك واجب، ولا يُنفى لترك مستحب، وإلا للزم جواز نفي الإيمان عن أكثر المؤمنين. كما أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

5-      أن النصيحة موجَب الأخوة الإيمانية، فذكر الأخوة من بواعث القيام بحقوقها، فهي علة الحكم وموجِبُه.

6-      أن الأخوة في الله، فوق أخوة النسب فحقّها أوجب.

7-      أن حق الأخوة الإيمانية عام للمؤمنين والمؤمنات كما قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }. وقال سبحانه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }. فلا مفهوم لوصف الذكورية في الحديث.

8-      تحريم كل ما ينافي هذه المحبة من الأقوال والأفعال كالغش والغيبة والحسد والعدوان على نفس المسلم أو ماله أو عرضه، ولا يحرم الربح على المسلم في البيع بلا غبن ولا تدليس ولا كذب.

 

الحديث الرابع عشر متى يهدر دم المسلم

عنْ ابنِ مسعودٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : ( لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وأَنِّي رسُولُ اللهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ ). رواه البخاريُّ ومسلم.

 

الشرح :

الحديث أصل في حرمة دم المسلم،

 

وفيه من الفوائد:

1-      عصمة دم المسلم.

2-      أن الإسلام أعظم ما يُعصم به الدم.

3-      فضل المسلم على الكافر.

4-      تحريم قتل المسلم وقتاله إلا بما يوجبه شرعاً.

5-      تحريم التسبب في قتله أو قتاله.

6-      تحريم الإشارة إلى المسلم بالسلاح ونحوه.

7-      تحريم العدوان على بدن المسلم بجرح أو ضرب بغير حق.

8-      أن حد الزاني الثيب القتل، وذلك برجمه بالحجارة بشروطه كما دلت على ذلك السنة المتواترة.

9-      ثبوت القصاص على من قتل معصوماً عمداً عدواناً في الجملة بشروطه.

10-    وجوب قتل المرتد عن دين الإسلام.

11-    أن الإسلام يثبت حكمه بالشهادتين لقوله –كما في أصل الحديث- : (مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ) .

12-    أن أصول ما يحل به دم المسلم الخصال الثلاث.

 

 

الحديث الخامس عشر إكرام الضيف

عن أبي هُريرةَ – رَضِي اللهُ عَنْهُ – ، أنَّ رسولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قالَ: ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ). رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.

الشرح :

الحديث أصل في حفظ اللسان وبذل الإحسان، وفيه من الفوائد:

1-      أن الإيمان بالله واليوم الآخر أصل لكل خير.

2-      أن الإيمان بالله واليوم الآخر يبعث على المراقبة والخوف والرجاء.

3-      أن الإيمان بالله واليوم الآخر يتضمن المبدأ والمعاد.

4-      أن الإيمان بالله واليوم الآخر أقوى البواعث على الامتثال.

5-      التحريض على امتثال الأوامر بذكر موجِبه، وما يهيّج على الطاعة.

6-      أن الكلام فيه خير وشر وما ليس بخير.

7-      الحث على التكلم بالخير، وهو الكلم الطيب وهو كل ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم من الكلام وجوباً أو استحباباً، كأنواع الذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم العلم، والإصلاح بين الناس.

8-      أن الصمت عمّا ليس بخير من الكلام مما يقتضيه الإيمان بالله وباليوم الآخر.

9-      أن التكلم بالخير خير من الصمت عما لا خير فيه، وأن الصمت عمّا لا خير فيه خير من التكلم به، ففيه دليل على أن فعل الطاعة أفضل من ترك المعصية في الجملة.

10-    أنه يجوز التخيير بين خيرين، أحدهما أفضل من الآخر، كما تقول : صلِّ ركعتين أو أربعاً.

11-    أن هذه الخصال الثلاث من الإيمان.

12-    عظم حق الجار.

13-    أن حق الجار الإكرام، وهو يتضمن الإحسان وكف الأذى، وفي رواية ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ” وفي أخرى ” فلا يؤذ جاره ” .

14-    أن حق الجوار لكل جار، مسلماً كان أم كافراً، لإطلاق الحديث، وقد قال تعالى في آية الحقوق العشرة :{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ }فالجيران ثلاثة : الجار المسلم الذي له قرابة له ثلاثة حقوق، والجار المسلم غير القريب له حقان، والجار الكافر له حق الجوار.

ويتفاوت حق الجوار بحسب قرب الجار وبعده، ويدل على عظم حق الجار قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)

15-    أن إكرام الضيف من صفات المؤمنين.

16-    الأمر بإكرام الضيف، وهو من ينزل بالإنسان يريد المأوى والطعام، وإكرامه بحسب منزلة الضيف وحال المضيف ويُرجع فيه إلى العرف، والواجب للضيف إضافته يوماً وليلة، وما زاد فهو سنة إلى ثلاثة أيام ويتأكد حق الضيف على النازلين في طرق المسافرين وفي القرى التي لا تتوفر فيها حاجة المسافر من مطعم ومسكن بخلاف المدن التي يُهيأ فيها للمسافرين المسكن والمطعم بالثمن، وهذا التفصيل إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، والرواية الأخرى تجب الضيافة مطلقاً على أهل المدن والقرى.

17-    أن من محاسن الإسلام رعاية الحقوق التي بين الناس والحث على حفظ اللسان بكفه عمّا لا خير فيه والترغيب في الكلام الطيب.

 

 

تعليقات تربوية على أحاديث الدرس