روائع الحديث / الحديث(48)
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أربع من كن فيه كان منافقا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر” متفق عليه.
ترجمة الراوي – عبدالله بن عمر بن العاص – هو و أبوه صحابيان و أسلم قبل أبيه – أبوه من دهاة العرب – كان مجتهداً في العبادة غزير العلم – من المكثرين رواية للحديث – قال عنه أبو هريرة – رضي الله عنه – : ما كان أحد أكثر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب
شرح الحديث المعنى العام للنفاق : أن يظهر خلاف ما يبطن
إذا أبطن الكفر وأظهر الإسلام: نفاق اعتقادي
إذا أبطن الشر وأظهر الخير :نفاق عملي
( إذا حدث كذب ) قال – صلى الله عليه وسلم_ : [ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ، وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ ، حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ ، حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ]
( وإذا وعد أخلف ) : إذا وعد وفي نيته أن لا يفي، ولا يدخل فيه مالم تستطع أن تفعله “كوعدك لصديقتك بالذهاب لها في وقت معين ثم لم تستطيعي الحضور ) لكن على الإنسان أن يجتنب الوعد إذا خشي أن لا يفي
( إذا خاصم فجر ) : يتبين له الحق ولا يتنازل لصحابه ويعترف بخطأه و يستمر في مجادلته!
( وإذا عاهد غدر ) : معناها يشبه” إذا وعد اخلف ” لكن الاختلاف أن العهد بين جماعات و دول. [ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ] ومعنى[ فَانبِذْ ] : أعلن فلا يغدر المسلم حتى بالكافر ، ولكن في الحرب لا إشكال لأن هذا من باب الخداع والتورية
وهذه الصفات المذكورة في الحديث لا تجتمع جميعها إلا في منافق خالص
بعض ما قيل في الذنوب و النفاق :
عن أبي مليكة: أدركتُ ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل.
ابن مسعود(المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا )
لو كان لذنوب رائحة ما جالسنا أحد
الحديث( 49) :
عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يزرق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا” رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم، وقال الترمذي حسن صحيح.
ترجمة الراوي : -أمير المؤمنين و ثاني الخلفاء الراشدين – لُقب بالفاروق لأنه – من مناسبه حديث الثعلب الذي تكلم – موافقات عمر
شرح الحديث :
هذا الحديث أصل في التوكل – تعريف التوكل : سكون القلب مع تفويض الأمر لله و عمل الجوارح. – من تفويض الأمر لله عمل الأسباب و القدح في الأسباب وتركها قدح في الشرع و العقل
حقيقة التوكل :
1-تفويض الأمر لله
2- فعل السبب
3-عدم النظر و الالتفات إلى السبب في إنجاح الأمر وإنما إلى الله – المسلم يبذل السبب وكأنه كل شيء ويفوض أمره لله وكأنها( الأسباب ) ليست بشيء فمن كمال توحيد أن لا يلتفت القلب إلا لله
خلل يقع فيه البعض : بعض الفتيات إذا ذاكرت جيدا لم تنظر إلى المسبب( الله) و لم تلح عليه بالدعاء بأن يوفقها بل اتكلت على السبب
دعاء لمن يبذل السبب دائما لكن ضاقت عليه بعض المرات و لم يقم بفعل الأسباب : يارب إن رحمتك أرجى عندي من عملي
صور التوكل في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – :
1- يجد في الأخذ بالأسباب كتخطيطه قبل الحروب و ظاهر في غزوة بين درعين
2- وكذلك يعتمد على المسبب فبعد أخذه كل تلك الأسباب أخذ يلهج في الدعاء في غزوة بدر : اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض ” . وسقط ردائه عن منكبيه ، فقال له أبو بكر : ” يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك “.
الثلاثاء 6/13