الباب الرابع والعشرون:
باب بيان شيء من أنواع السحر
1/ قال أحمد : حدّثنا مُحمّد بن جعفر ، حدّثنا عَوف ، عن حيّان بن العلاء ، حدّثنا قَطَنُ بن قبيصَةَ ، عن أبيه ، أنّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّ العِيافَةَ والطّرقَ والطِّيَرَةَ من الجِبت ) .
سبق أن أخذنا في الباب السابق معنی السحر وحكمه وعلاقته بالتوحيد
فمعنى السحر :
لغة :ما خفي ولطف سببه
اصطلاحا : رقى ينفخ فيها عن طريق اﻹستعانة بالشياطين
وحكم السحر الذي لا ينصرف الذهن الا الى الاصطلاحي منه هو أنه شرك أكبر .
وأخذنا علاقة السحر بكتاب التوحيد؟
1_أن من أقسام السحر ما ﻻ يأتی إﻻ بالشرك عن طريق استخدام لشياطين وهي ﻻتخدم الساحر إﻻ اذا تقرب اليها بالخضوع والذل أو الكفر بالله .
2- وأن في السحر دعوى علم الغيب .
أما باب اليوم فهو في اﻷمور التي تلحق بالسحر وهي سبعه:
منها ما يلحق بالسحر في المعنی اللغوي ومنها ما يلحق بالسحر في المعنی الاصطلاحي
1-العيافه:زجر الطير إذا أراد أمرا مهما
فإن ذهبت يمينا استبشر ومضى في أمره وإن ذهبت شمالا كف وعاد
س/ما الفرق بينها وبين الطيرة؟
العيافه .زجر الطير
الطيره .هو ماينشأ عنها
2-الطرق :
هو الخط في الرمل أو في الأرض أو الضرب بالحصی و أكثرها الخط في الرمل ومنه سمي من يفعل ذلك رمالا
كيفيتها : يخط خطوط كثيره عشوائيه ويمسح فإذا بقي خط واحد تشاءم وإن بقي خطان تفاءل .
قال عنها الحسن البصري اي عن العيافة والطرق والطيرة :هي رنة الشيطان
و معنى الرنة :الحزن الشديد او الصوت فيه ضجه , اي من فعل الشيطان وحثه عليها
أو لأنه لما حزن كاد لبني آدم بها .
هذه الثلاثة العيافة والطرق والطيرة تلحق بالسحر في المعنی الاصطلاحي لان فيها دعوی الغيب .
2 /حديث : ( من اقتَبَسَ شُعبةً مِنَ النّ
من اقتبس شعبه من النّجوم :المقصود به ( التنجيم )
وعلم النجوم نوعان :
أ-علم التسيير: وهو المعروف بعلم الفلك
حكمه : جائز مثل علم حركة الشمس ورصد القمر ومعرفة النجوم للاهتداء بها علی الجهات الخ .
ب-علم التأثير: ويسمى التنجيم
وهو اﻻستدﻻل باﻷحوال الفلكية على الحوادث الأرضيةاو الاستدلال بالنجوم علی المغيبات .
حكمه: شرك أكبر, لماذا؛ ﻷن فيه دعوی علم الغيب
وحكم تصديقه كذلك كفر أكبر اما من يعتقد أن النجوم والأبراج أسبابا في حصول الشيء فهذا شرك لكن هل هو أكبر أو أصغر ففيه تفصيل .
لماذا شرك ؟
لأن من يجعل الشيء سببا وهو ليس بسبب ﻻ سبب شرعي وﻻقدري فقد أشرك .
اﻷسباب تنقسم إلى قسمين:
1-أسباب شرعية :
هي التي جاءت من الله ورسوله بنص شرعي
مثال :الرقية الشرعية
2-أسباب قدريه:
هي أمور تثبت بالتجربة الصادقة العامة
مثال: دواء البنادول للصداع
وما عدا اﻻسباب الشرعية والقدرية فهي أسباب وهميه خرافية
للنجوم ثلاثة فوائد مذكورة بالقرآن وما سواها كذب:
1-عﻻمات
2-زينه
3-رجوم للشياطين
وماعدا ذلك فهو كذب
س/ما الدليل على أن النجوم ليست أسبابا حقيقية في حدوث الأشياء وأن الاعتقاد أنها سبب يوقعه في الشرك والكفر ؟
حديث (الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت احد ولا لحياته )
وحديث (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي ومن قال مطرنا بفضل الله ورحمته فهو مؤمن بي كافر بالكوكب)
س/ما حكم من اعتقد أن النجم له تأثير في انزال المطر ؟
إن اعتقد ان النجم مؤثر بذاته فهذا كفر أكبر
أما إن اعتقد أن النجم سبب ولو قال بإذن الله فهذا كفر أصغر وشرك أصغر ﻷن النجم ليس سببا ﻻ شرعياً ولا قدرياً في انزال المطر بل خرافي وهمي.
والتنجيم يلحق بالسحر في المعنی الاصطلاحي لما فيه من دعوی علم الغيب والشعوذة .
3 /وللنَّسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( مَن عَقَدَ عُقدةً ثُمّ نَفَثَ فِيها ، فَقَد سَحَر ،وَمَن سَحَرَ فَقَدْ أشْرَكَ ، وَمَنْ تَعلّقَ شَيئاً وُكِلَ إِليْهِ )
هذا النوع واضح في إلحاقه بالسحر في المعنی اﻹصطﻻحي
والنصوص الشرعية فيها العلم والموعظة البليغة ففي أول الحديث بيان حكم من عقد العقد وفي آخره الموعظة بأن (من تعلق شيئا وكل إليه ) وهذا فيه زجرللساحر وزجر لمن يطلب السحر فالساحر معلق أمره علی الشياطين وهي تضر ولاتنفع ومن يطلب السحر معلق أمره علی الساحر وهو بشر ضعيف لا يملك أمره فضلا عن ان يملك أمر غيره ، وفيه تهييج للنفس العاقلة أن تعلق الأمر بيد القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء وبيده ملكوت كل شيء فمن كان كذلك لن يضيع من تعلق به ووكل أمره إليه.
( وابن القيم يقول من تعلق بشيء من الدنيا عذب به)
4/ وعَن ابنِ مسعُودٍ : أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا هل أُنَبِّئُكُم مَا العَضْه ؟ هِيَ النّميمَةُ ، القَالةُ بَينَ النّاسِ ) رواهُ مُسلِم .
العَضْه : تُروى بفتح العين وكسرها
وهي : النميمة
وهي القالة بين الناس بأن ينقل الكلام بينهم علی وجه الإفساد والتفريق بينهم .
وجه العلاقة بينها وبين السحر؟
من حيث المعنی اللغوي للسحر
1- فمن جهة ابتدائها أنها تكون بالسر والخفاء والسحر هو ما خفي ولطف سببه
2-ومن جهة انتهائها :أنها تفرق كالسحر
حكمها: كبيره من كبائر الذنوب
5/ ولَهُمَا عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّ مِنَ البَيَانِ لسِحْراً ).
إن من البيان لسحرا :
(من ) هنا للتبعيض
*مامعنى البيان :هي الفصاحة
*ما وجه جعله سحرا: أن بعض أنواعه يضل عن الحق ويقلب الحقائق .
هل ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم وجه المدح؟
العلماء يقولون أنه خرج مخرج الذم لبعض البيان لا كله
والبيان نوعان :
١- مطلوب وهو واجب
٢- مذموم وهو الذي يقلب الحقائق
قال الامام أحمد في كتاب الرد علی الجهمية
عن الجهمية (هم ليسوا أهل حجج ولكن أهل خُطب) لأنهم يؤثرون في الناس ليس بالحجج العقلية، فحججهم باطلة ولكن بسبك الكلام فضل كثير من الناس بهم
فلما صار البيان يؤثر في الناس فينصاعون للباطل بسببه صار الخِطاب الملبس للحقائق سحراً بالمآل والمُنتهى .
22/4/1437 الاثنين