عقيدة المسلم
– شرح كتاب التوحيد –
الباب الواحد والعشرون: [ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيّرها أوثانًا تُعبد من دون الله]
- ترجمة الباب وعلاقته بما قبله:
من تأمّل في هذا الباب والبابين السابقين علم أنه لا تكرار بينها “وإنما علاقة وأهمية “:
– فالأول في بيان سبب كفر بني آدم .
– والثاني في الوسائل الموصلة للغلو .
– وهذا الباب في أن الغلو لايزال بالناس حتی يصير المغلو فيه وثنا يُعبد فيقع فيما قصد الشارع التحذير منه .
وتنويع المؤلف وإفراده لها بالأبواب يدل علی اتباعه لطريقة القرآن وفقهه للواقع، فمن تأمل ما دعت إليه الشريعة وما حذرت منه من الغلو وواقع أكثر الناس في هذه المسائل يتبين له غربة الدين .
___
# المسائل:
معنى الغلو: مجاوزة الحد المأذون فيه.
معنى الوَثَن: كُلُّ ما يُعبَد من دون الله ” سواء كانت لهُ صورة گالصنم ، أم لم تكن لهُ صورة ”
* فالوَثن أعمُّ من الصنم ؛ لأن بعض الأوثان ليست صورا، فالقبر مثلاً إذا عُبد من دون الله سمي وَثَن .
دعا النبي ﷺ فقال : اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبَد .
* ما موجب دُعائه ؟ أن قبور الأنبياء السابقين اتُّخذت أوثانًا من دون الله.
* هل تحققت دعوته ﷺ ؟ نعم ، فلا يمكن أن يتوجه إلى القبر و يُستقبل ويدعى أو يصلى إليه.
الغلُو يورِّث تأليه القلوب لها شيئاً فشيئاً حتى تتناهى النُفوس إلى عبادتها من دون الله .
___
الباب الثاني والعشرون ..
[ باب ما جاء في حماية المُصطفى جَنابَ التوحيد ، وسدُّه كل طريق يوصل إلى الشرك ]
ترجمة الباب ؛
* معنى جناب التوحيد : ما يُحيطه .
سيأتي باب في ( كتاب التوحيد ) شبيه بهذا الباب؛ ولكن من تأمّل فيهما علم ألّا تكرار بينهما:
– فهذا الباب في سد الذرائع الفعلية ،
– وذاك في سد الذرائع القولية .
___
في قوله تعالى ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم ﴾ ؛
( حريصٌ ) على حِماية التوحيد ، حرصه ﷺ ليس فيه إشقاق على أمته .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: ((لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عِيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ))
* “لا تجعلوا بيوتكم قبورًا ” : يعني قبورا بعدم صلاتكم فيها، و يُفهم منه أنه متقرر عندهم
* أن المقابر لا يُصلّى فيها ولا يُقرأ فيها القرآن وغيرها من العبادات .
*”ولا تجعلوا قبري عِيدًا “: يتعاهده بالزيارة.
يعني أنه يسافر حتَّى يصل إليه فهذا منهي عنه أو يرتب له وقتا يعتاده في السنة أو الأسبوع أو الشهر كل هذا منهي عنه، فالصحابة -رضي الله عنهم- مع حبّهم للنبي ﷺ لم يكونوا يفعلونه لعلمهم بالنهي، أمّا الزيارة له علی وجه غير معتاد فلا مانع منه .
*” فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ”
هناك من يبلغه ﷺ، ويعرض عليه الصلاة في حياته البرزخية عليه الصلاة والسلام.
# يؤخذ من هذا الحديث:
– حثّه ﷺ على أداء النافلة في البيت .
– من مسائل محمد بن عبد الوهاب :
” نهيه ﷺ عن زيارة قبره على وجه الخصوص ، مع أن زيارته من أفضل الأعمال “!
– كيف يكون من أفضل الأعمال !
زيارة القبور بشكل عام سنة ” وقبره ﷺ أفضل القبور ” واتباع السنن من أفضل الأعمال، فالفضل راجع إلى العمل نفسه. أما النهي فيوضحه المسألة التالية ..
– ” نهيه ﷺ عن الإكثار من الزيارة “.
يعني زيارة قبره على وجه الخصوص ، وغيره من باب أولى ؛ لئلا يُتّخذ عيدا أو يؤدي إلى تعظيم القبور وأصحابها .
# فائدة:
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- : التَّوحيد ألطف شيء، وأنزهه، وأنظفه، وأصفاه، فأدنى شيءٍ يخدشه، ويدنّسه، ويؤثّر فيه .
الثلاثاء 12/2/1437 هـ
د.فتحية القحطاني