الدرس السادس : روائع الحديث

الدرس السادس : روائع الحديث

تابع الحديث الخامس والثلاثون

《وكونوا عباد الله إخوانا》

# من فوائد الحديث :

■ وجوب اﻷخوة اﻹيمانية .

هناك موانع تحول دون محبة اﻷخ ﻷخيه ، كيف ندفعها ؟

بأمور كثيرة ، منها :
• أن يبتعد الإنسان عن التفكير في مساوئ إخوانه ، ويتذكر المحاسن ؛ حتى يألفهم ويزول ما في قلبه عليهم.
• الهدايا ← توجب المودة.
• الاجتماع على العبادات (الصلوات ، اﻷعياد ..) والاجتماعات الأسرية أو حضور المناسبات فرح أو تعزية أو تهنئة .. إلخ ، يكون من المبادرين بذلك.

□ موجبات اﻷخوة اﻹيمانية  :

[ لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره ].

  • فحرم الظلم (وهو التعدي) .
    • وحرم الخذلان (وهو ترك النصرة ممن له القدرة عليها) .
    • وحرم الكذب (حتى لو على الكافرين !) .

 

س | ماحكم التورية ، وهل هي من الكذب ?

  • أولاً ما معنى التورية ؟
    هي أن يتكلم الشخص بكلام يحتمل معنيين ، بقصد أن يفهم السامع معنى غير المعنى الذي قصده .
  • ما حكمها ؟

فيه تفصيل ..
◆ التورية المحرمة التي تؤدي إلى باطل :
مثل أن يغتصب رجل مال أخيه ، فيطالب به صاحب الحق ، فيقول المغتصب : والله ما عندي لك شيء!

* (تأتي “ما” بمعنى النفي ، وتأتي بمعنى “الذي”) .

فيقصد الغاصب المعنى الثاني ل”ما” أي : والله الذي عندي لك شيء .. ، وهو بهذا محق لم يكذب, لكن أوهم صاحب الحق أنه يقصد المعنى اﻷول ، الذي هو خلاف الواقع ! فهذه الحالة محرمة ؛ لما يترتب عليها من حرام ، وهو أكل أموال الناس بالباطل .

# تنبيه :
لو اقترنت التورية المحرمة بحلف – كما في المثال – ما الحكم في ذلك؟

هنا تكون يمين غموس ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ يمينك على ما يصدقك به صاحبك ] .
◆ التورية الواجبة :
مثل أن يأتي رجل يختبئ في بيتك من ظالم يريد قتله ، ويأتي الظالم يسألك : هل فلان هنا ؟

فتقول ليس بهنا ! (ومُرادك غرفة معينة أنه ليس فيها ، وإن كان في غرفة أو مكان آخر من البيت ..) .

◆ التورية لمصلحة :

” حضور مجالس العلم له ثواب ، والانصراف عنها لغير حاجة فيه منقصة ” .

يُذكر أن الإمام أحمد كان في مجلس ، وعنده المروزي – أحد طلابه –  فجاء رجل وسأل عنه , فقال الإمام أحمد : ليس المروزي ها هنا ! وما يفعل المروزي هنا ! وكان يشير إلى يده .. يعني أنه ليس فيها .

◆ التورية لحاجة يُلجأ إليها ولا مصلحة من اﻹخبار بالواقع :

كأن يُلجِأُك شخص في سؤال عن أمر خاص لا تريد أن يعرفه أحد ، أو أن يسأل عن عبادة لك ، وأنت تريدها سريرة بينك وبين ربك ! فهنا يمكن أن تقول : أنا لا أفعل ، وتنوي وقت معين أنك بالفعل لا تفعل فيه هذا العمل .

◆ إذا لم تكن التورية لشيء مما سبق ، هذه يحرمها أكثر العلماء ﻷسباب :

  • أن فيها نوع كذب .
    • فيها مفسدة ، فلو عرف المُخاطب أن اﻷمر خلاف ما فهمه ، قد يسيء الظن بالموري ويصفه بالكذب .

 

* لكن لو أن الإنسان فعل ذلك أحيانا وأخبر صاحبه فيما بعد بمراده الذي قصده ، فلا حرج إن شاء الله .

[كالتورية للملاطفة ] ، بشرط ألا يُكثر منها لدرجة أن يُعرف بها .

← وذلك مثل العجوز التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها بدخول الجنة ، فقال عليه الصلاة و السلام : لا يدخل الجنة عجوز ! ثم أخبرها بمراده ، وأنها ليست يومئذٍ بعجوز.

 

  • أيضًا ، من موجبات اﻷخوة اﻹيمانية :
  • قوله صلى الله عليه وسلم : [ لا يحقره ] مهما بلغ فقره أو جهله …

– وقال عليه الصلاة والسلام : [ رُبَّ أشعث أغبر (أي لا يستطيع أن ينظف نفسه) مدفوع باﻷبواب (أي لا أحد يفتح له بابه) لو أقسم على الله ﻷبره ] .

– وقوله : [ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ] أي كأنه قد أتى بالشر كله لاحتقاره إياه !

  • [ كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ] .

* أكثر ما يُتعرض إليه , الوقوع في عرض المسلم بالغيبة .

[والغيبة من الكبائر] ، وتختلف مراتبها باختلاف ما ينتج عنها :

فغيبة من لهم مكانة , أشد منها في غيرهم ..
– كغيبة العلماء وإسقاطهم ← ينتج عنه إسقاط للدين .
– وغيبة اﻷمراء ← ينتج عنه إسقاط للأمن .

| ختاما | ..

سؤال :
متى تكون الغيبة جائزة ؟!

تكون جائزة في ستة حالات ، منظومة في بيتين :

الذم ليس بغيبة في ستة              متظلم ومُعرِّف ومحذر
ولمظهر فسقا ومستفت ومَنْ        طلب الإعانة في إزالة منكر
___

هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

يوم الأربعاء 22/1/1437 هـ

د.فتحية القحطاني