بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد..
(كيف كان تعامله صلى الله عليه وسلم مع الفقراء)
الفقر هو: النّقص في الاحتياجات الأساسيّة.
نستطيع “ظاهريًّا” تقييم النّاس حسب طبقاتهم الاجتماعية، وفي موازين النَّاس هذا غني وهذا فقير، لكن السؤال الحقيقي والجوهري: ما هي موازيننا عند الله سبحانه وتعالى!
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُنفق من ماله على أهله، ويتصدّق من فضله”.
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتأثر إذا رأى الحاجة في وجوه أصحابه ويحرص أن يواسيهم:
- كان عليه الصلاة والسلام يقسّم هؤلاء الفقراء بين أصحابه ليطعمهم:
عن ابن سيرين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا امسى قسّم ناسا من أهل الصفة بين أناس من أصحابه، فكان الرجل يذهب بالرجل، والرجل بالرجلين، والرجل بالثلاثة، حتى ذكر عشرة.
قال الحسن: وما بقي منهم أدخلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته، فأطعمهم ما كان عنده.
- وكان يعايش أحوالهم؛ ليكون القدوة لهم في الصبر والتحمل:
وعن عائشة رضي لله عنها قالت: ما أكل آلُ محمد -صلى الله عليه وسلم- أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر.
- وكان من هديه صلى الله عليه وسلم مع الفقراء مجالستهم والقرب منهم، وعدم التكبّر عليهم.
- وكان يسأل الله حب الفقراء والمساكين:
فكان يقول في دعائه: “اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحبّ المساكين، وإذا أردت من عبادك فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون”.
|تفقّدي قلبك عندما ترين هؤلاء الفقراء، هل يرقّ لهم؟ وكيف حفاوتك عند السلام عليهم؟|
- وكان يسأل عن أحوالهم وحاجاتهم :
عن خادمٍ للنبي صلى الله عليه وسلم –رجل أو امرأة- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم مما يقول للخادم: “ألك حاجة؟”
قال: حتى كان ذات يوم، فقال: يا رسول الله، حاجتي.
قال: “وما حاجتك؟”.
قال: حاجتي أن تشفع لي يوم القيامة.
قال: “ومن دلَّك على هذا؟”.
قال: ربّي.
فقال: إمّا لا، فأعنّي بكثرة السجود”.
|اسألي نفسك متى آخر مرة سألتِ العاملة في منزلكم عن حاجتها؟|
- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع معنوياتهم بذكر فضائلهم في الآخرة:
فأول من يدخل الجنّة هم الفقراء، بل وبفارق زمني كبير عن الأغنياء:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون، الذين تُسدُّ بهم الثُّغور، ويتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاءً”.
|حزنهم وجَهْدِهم وألمهم يُنظر إليه ويُجزى عليه، أيّ ذرة حزن أو ألم تمرّين بها في الحياة، تأكدي أن هناك أجر عظيم يقابلها في الآخرة إن صبرتِ عليها|.
- كان يطلب حضورهم استنزالًا للنصر، والرزق بدعائهم:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أبغوني ضعفاءكم؛ فإنما تُرزقون وتنصرون بضعفاءكم”.
- نهى الرسول صلى الله عليه وسلّم عن تجاهلهم في الولائم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “شرُّ الطعام طعام الوليمة، يُدعى لها الأغنياء، ويُترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله”.
- وكان يُعين الفقراء بالدلالة على وجوه التكسّب، ويحذرهم من المسألة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره خيرُ له من أن يأتيَ رجلًا، فيسأله أعطاه أو منعه”.
- وكان يسعى في تزويج أهل الصلاح والخير منهم، ومن ذلك القصة العظيمة التي رواها أبي بزرة الأسلمي عن جُليْبيب – رضي الله عنهما.
ختامًا/ ندعو بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبّ المساكين، وإذا أردت من عبادك فتنة، فاقبضنا إليك غير مفتونين”.
وجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، والحمد لله رب العالمين.